ويرى بعض أهل العلم أن الأمور الحقيرة التي لا يسرع إليها الفساد تعرف ثلاثة أيام واحتجوا على ذلك بما ورد في الحديث أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(من التقط لقطة يسيرة حبلاً أو درهماً أو شبه ذلك فليعرفها ثلاثة أيام فإن كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام فإن جاء صاحبها وإلا فليتصدق بها) رواه أحمد والطبراني والبيهقي وفي سنده كلام لأهل العلم، قال الشوكاني: [وفي إسناده عمر بن عبد الله بن يعلى وقد صرح جماعة بضعفه ولكنه قد أخرج له ابن خزيمة متابعة وروى عنه جماعات. وزعم ابن حزم أنه مجهول وزعم هو وابن القطان أن يعلى وحكيمة التي روت هذا الحديث عن يعلى مجهولان. قال الحافظ: وهو عجب منهما لأن يعلى صحابي معروف الصحبة قال ابن رسلان: ينبغي أن يكون هذا الحديث معمولاً به لأن رجال إسناده ثقات وليس فيه معارضة للأحاديث الصحيحة بتعريف سنة لأن التعريف سنة هو الأصل المحكوم به عزيمة وتعريف الثلاث رخصة تيسيراً للملتقط لأن الملتقط لليسير يشق عليه التعريف سنة مشقة عظيمة بحيث يؤدي إلى أن أحداً لا يلتقط اليسير والرخصة لا تعارض العزيمة بل لا تكون إلا مع بقاء حكم الأصل كما هو مقرر في الأصول ويؤيد تعريف الثلاث ما رواه عبد الرزاق عن أبي سعيد: (أن علياً جاء إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدينار وجده في السوق فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عرفه ثلاثاً ففعل فلم يجد أحداً يعرفه فقال: كله) وينبغي أيضاً أن يقيد مطلق الانتفاع المذكور في حديث الباب بالتعريف بالثلاث المذكور فلا يجوز للملتقط أن ينتفع بالحقير إلا بعد التعريف به ثلاثاً حملاً للمطلق على المقيد وهذا إذا لم يكن ذلك الشيء الحقير مأكولاً فإن كان مأكولاً جاز أكله ولم يجب التعريف به أصلاً كالتمرة ونحوها لحديث أنس المذكور لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد بيَّن أنه لم يمنعه من أكل التمرة إلا خشية أن تكون من الصدقة ولولا ذلك لأكلها وقد روى
ابن أبي شيبة عن ميمونه زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنها وجدت تمرة فأكلتها وقالت: لا يحب الله الفساد، قال في الفتح: يعني أنها لو تركتها فلم تؤخذ فتؤكل لفسدت قال: وجواز الأكل هو المجزوم به عند الأكثر. ويمكن أن يقال إنه يقيد حديث التمرة بحديث التعريف ثلاثاً كما قيد به حديث الانتفاع ولكنها