كثيرة بعد وفاته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يخطر في بال أحد منهم الذهاب إليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قبره ومشاورته في ذلك وسؤاله عن الصواب فيها لماذا؟ إن الأمر واضح جداً وهو أنهم كلهم يعلمون أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انقطع عن الحياة الدنيا ولم تعد تنطبق عليه أحوالها ونواميسها فرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد موته حي أكمل حياة يحياها إنسان في البرزخ ولكنها حياة لا تشبه حياة الدنيا ولعل مما يشير إلى ذلك قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مما من أحدٍ يسلم عليَّ إلا ردَّ الله علي روحي حتى أرد عليه السلام) وعلى كل حال فإن حقيقتها لا يدريها إلا الله سبحانه وتعالى ولذلك لا يجوز قياس الحياة البرزخية أو الحياة الأخروية على الحياة الدنيوية كما لا يجوز أن تعطى واحدة منهما أحكام الأخرى بل لكل منها شكل خاص وحكم معين ولا تتشابه إلا في الاسم أما الحقيقة فلا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى] التوسل ص٦٥ - ٦٦.
إذا تقرر هذا فإن الزعم بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحضر إلى المجلس المذكور في السؤال إنما هو كذب وافتراء على دين الله ومن الخرافات والخزعبلات التي ابتدعها جهلة المتصوفة ومن الغلو الذي حذر منه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما في الحديث عن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله) رواه البخاري. ومن المعلوم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أشد الناس حباً للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومع ذلك ما كانوا يفعلون ما يفعله هؤلاء ولم يكن من دأب الصحابة رضي الله عنهم القيام عند السلام على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مطلقاً لا في وقت زيارة قبره ولا غيره ولم يكن من عادتهم أن يقصدوا إلى قبره للسلام عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلما دخلوا المسجد النبوي ويقفوا عنده من أجل السلام عليه لكن روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا جاء من سفره دخل المسجد النبوي فإذا صلى جاء إلى قبره عليه الصلاة والسلام فسلَّم عليه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه] فتاوى إسلامية ١/ ١١٠ - ١١١.
وخلاصة الأمر أن الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عبادة والأصل في باب العبادات هو التلقي عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يرد أي دليل