الاختلاف المباح الذي لا يعنف فيه من فعله ولا من تركه وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه وكالخلاف في أنواع التشهدات وأنواع الأذان والإقامة وأنواع النسك من الإفراد والقران والتمتع وليس مقصودنا إلا ذكر هديه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي كان يفعله هو فإنه قبلة القصد وإليه التوجه في هذا الكتاب وعليه مدار التفتيش والطلب هذا شيء والجائز الذي لا ينكر فعله وتركه شيء فنحن لم نتعرض في هذا الكتاب لما يجوز ولما لا يجوز وإنما مقصودنا فيه هدي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي كان يختاره لنفسه فإنه أكمل الهدي وأفضله فإذا
قلنا: لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر ولا الجهر بالبسملة لم يدل ذلك على كراهية غيره ولا أنه بدعة ولكن هديه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكمل الهدي وأفضله والله المستعان] زاد المعاد ١/ ٢٧٤ - ٢٧٥.
وقال الشوكاني بعد كلام طويل عن القنوت: [إذا تقرر لك هذا علمت أن الحق ما ذهب إليه من قال إن القنوت مختص بالنوازل وأنه ينبغي عند نزول النازلة أن لا تخص به صلاة دون صلاة وقد ورد ما يدل على هذا الاختصاص من حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحه وقد تقدم ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان بلفظ (كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد وأصله في البخاري كما سيأتي] نيل الأوطار ٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧. وبهذا يظهر لنا أن القنوت في النوازل مشروع، وأما قول السائل إن إمام المسجد قد دعا بدعاء طويل فأقول إن الأولى في لفظ دعاء القنوت أن يدعو بما ورد عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإن دعا بغير ذلك جاز. قال الإمام النووي: [وأما لفظه - أي القنوت - فالاختيار أن يقول فيه: ما روينا في الحديث الصحيح في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي وغيرها بالإسناد الصحيح عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلمات أقولهن في الوتر:
(اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت) قال الترمذي: هذا حديث حسن قال: ولا نعرف عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في القنوت شيئاً أحسن من هذا. ويستحب أن يقول عقيب هذا الدعاء: " اللهم صل على محمد وعلى آل