للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهبه عليها، وأشير بإيجاز إلى بعض الأسباب التي نتج عنها الإختلاف الفقهي منها:

- أن لا يبلغ الحديث أحد الفقهاء فيقول قولاً بخلاف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصةً أننا نعلم أنه يصعب على أحد من أهل العلم الإحاطة بجميع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خفيت بعض الأحاديث على عدد من كبار الصحابة كأبي بكر وعمر، فمن باب أولى أن تخفى على الفقهاء الذين جاؤوا بعد ذلك أحاديث نبوية فاجتهدوا بخلافها.

- ومنها: أن الحديث قد يصل إلى الإمام ولكنه لا يكون ثابتاً عنده لعلة من علل الحديث المعتبرة وقد يكون هذا الحديث قد وصل إلى إمام آخر بطريق صحيح فيأخذ به الثاني دون الأول فيقع اختلاف بينهما لذلك.

- ومنها: الاختلاف في فهم النصوص من كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام لكون لفظ وقع في النص وهو مشترك أو مجمل أو غريب له عدة معان كما في قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ). فالقرء في لغة العرب استعمل في الطهر واستعمل في الحيض فهو لفظ مشترك فمن الفقهاء من أخذ بالأول ومنهم من أخذ بالثاني.

- ومنها: إن الأدلة قد تتعارض في نظر المجتهد فيقدم دليلاً على آخر لأمور يعتقدها المجتهد من المرجحات.

- وغير ذلك من الأسباب التي أدت إلى وقوع الاختلافات الفقهية التي يصعب شرحها في هذا المقام ومحل بحثها كتب أسباب الاختلافات الفقهية ولكن ينبغي أن يعلم أن الاختلافات الفقهية التي وقعت بين علماء الإسلام لم تفسد المودة والمحبة بينهم وكان كل منهم يحترم الآخر ويقدره وكل منهم يلتمس العذر للصاحبه وإن خالفه ويقدر وجهة نظره، وما أوصلهم ذلك الاختلاف إلى الخصام أو تفسيه العقول أو الحط من مكانة المخالف أو الطعن فيه، بل كان كل منهم يثني على مخالفه ويمدحه بما فيه من خصال حميدة ومن علم واسع وفق دقيق.

قال الإمام الشافعي: (الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة).

وقال الإمام الشافعي أيضاً: [مالك بن أنس معلمي وعنه أخذت العلم وإذا ذكر العلماء فمالك النجم].

<<  <  ج: ص:  >  >>