وهذه الأحاديث تقيد النهي المطلق في حديث جابر وتؤيد الزيادة التي تقدمت من تقييد الإطلاق بالإفراد ويؤخذ من الاستثناء جوازه لمن صام قبله أو بعده أو اتفق وقوعه في أيام له عادة بصومها كمن يصوم أيام البيض أو من له عادة بصوم يوم معين كيوم عرفة فوافق يوم الجمعة , ويؤخذ منه جواز صومه لمن نذر يوم قدوم زيد مثلا أو يوم شفاء فلان) فتح الباري ٤/ ٢٩٦ - ٢٩٧.
وعن أبي أيوب عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال أصمت أمس؟ قالت لا. قال تريدين أن تصومي غداً؟ قالت لا قال فأفطري. وقال حماد بن الجعد سمع قتادة حدثني أبو أيوب أن جويرية حدثته فأمرها فأفطرت. رواه البخاري .......
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: (واستدل بأحاديث الباب على منع إفراد يوم الجمعة بالصيام , ونقله أبو الطيب الطبري عن أحمد وابن المنذر وبعض الشافعية , وكأنه أخذه من قول ابن المنذر: ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة كما ثبت عن صوم يوم العيد , وزاد يوم الجمعة الأمر بفطر من أراد إفراده بالصوم فهذا قد يشعر بأنه يرى بتحريمه. وقال أبو جعفر الطبري: يفرق بين العيد والجمعة بأن الإجماع منعقد على تحريم صوم يوم العيد ولو صام قبله أو بعده , بخلاف يوم الجمعة فالإجماع منعقد على جواز صومه لمن صام قبله أو بعده. ونقل ابن المنذر وابن حزم منع صومه عن علي وأبي هريرة وسلمان وأبي ذر , قال ابن حزم: لا نعلم لهم مخالفاً من الصحابة. وذهب الجمهور إلى أن النهي فيه للتنزيه .. واختلف في سبب النهي عن إفراده على أقوال: أحدها لكونه يوم عيد والعيد لا يصام , واستشكل ذلك مع الإذن بصيامه مع غيره. وأجاب ابن القيم وغيره بأن شبهه بالعيد لا يستلزم استواءه معه من كل جهة , ومن صام معه غيره انتفت عنه صورة التحري بالصوم. ثانيها لئلا يضعف عن العبادة وهذا اختاره النووي , وتعقب ببقاء