للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى المذكور مع صوم غيره معه , وأجاب أنه يحصل بفضيلة اليوم الذي قبله أو بعده جبر ما يحصل يوم صومه من فتور أو تقصير , وفيه نظر فإن الجبران لا ينحصر في الصوم بل يحصل بجميع أفعال الخير فيلزم منه جواز إفراده لمن عمل فيه خيرا كثيرا يقوم مقام صيام يوم قبله أو بعده كمن أعتق فيه رقبة مثلا ولا قائل بذلك. وأيضا فكأن النهي يختص بمن يخشى عليه الضعف لا من يتحقق القوة , ويمكن الجواب عن هذا بأن المظنة أقيمت مقام المئنة كما في جواز الفطر في السفر لمن لم يشق عليه. ثالثها خوف المبالغة في تعظيمه فيفتتن به كما افتتن اليهود بالسبت , وهو منتقض بثبوت تعظيمه بغير الصيام , وأيضا فاليهود لا يعظمون السبت بالصيام فلو كان الملحوظ ترك موافقتهم لتحتم صومه لأنهم لا ......

يصومونه. وقد روى أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان من حديث أم سلمة أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصوم من الأيام السبت والأحد وكان يقول إنهما يوما عيد للمشركين فأحب أن أخالفهم " رابعها خوف اعتقاد وجوبه , وهو منتقض بصوم الاثنين والخميس. خامسها خشية أن يفرض عليهم كما خشي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من قيامهم الليل ذلك , قال المهلب: وهو منتقض بإجازة صومه مع غيره , وبأنه لو كان كذلك لجاز بعده - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لارتفاع السبب , لكن المهلب حمله على ذلك اعتقاده عدم الكراهة على ظاهر مذهبه. سادسها مخالفة النصارى لأنه يجب عليهم صومه ونحن مأمورون بمخالفتهم نقلها القمولي وهو ضعيف. وأقوى الأقوال وأولاها بالصواب أولها , وورد فيه صريحاً حديثان: أحدهما رواه الحاكم وغيره من طريق عامر بن لدين عن أبي هريرة مرفوعا " يوم الجمعة يوم عيد , فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم , إلا أن تصوموا قبله أو بعده ". والثاني رواه ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي وقال " من كان منكم متطوعاً من الشهر فليصم يوم الخميس , ولا يصم يوم الجمعة فإنه يوم طعام وشراب وذكر ". فتح الباري ٤/ ٢٩٧ - ٢٩٩ ......

وقال النووي: (باب كراهة صيام يوم الجمعة منفرداً) قوله: (سألت جابر بن عبد الله وهو يطوف بالبيت أنهى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيام يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>