الجواب: إن مفهوم هذه الآية الكريمة من سورة الذاريات يخطيء كثير من المسلمين في فهمه على حقيقته فيظن كثير من الناس أن عبادة الله مقتصرة على الصلاة والصيام والزكاة والحج وبعض الذكار ويعتقدون أنهم بعملهم ذلك أقاموا الإسلام في حياتهم وهذا فهم ناقص لحقيقة العبادة في الإسلام.
فأصل العبادة في اللغة: الطاعة والخضوع والتذلل كما قال الجوهري وغيره.
أما مفهوم العبادة في الشرع فمفهوم واسع شامل يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته القيمة العبودية:[العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث والمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة.
وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضى بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك هي من العبادة لله] العبودية ص ٣٨.
من خلال هذا الفهم النير لمفهوم العبادة في الإسلام نعلم خطأ من يقصرون العبادة على بعض الجوانب الروحية من الإسلام فالهدف الذي خلق الإنسان من أجله هو عبادة الله وعبادة الله تشمل الدين كله وتشمل الحياة كلها، فالإنسان المسلم عليه أن يكون عبداً لله طوال حياته طوال ليله ونهاره وطوال الشهور والسنوات وليست العبادة هي تلك التي تؤدى في أوقات محددة لا تستغرق إلا وقتاً يسيراً في حياة الإنسان فالمسلم يستمر في عبادة الله حتى يفارق هذه الدنيا. يقول الله تعالى:(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).