فهل استأذنت كعباً؟ قالت: نعم. فبعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى كعب بن مالك زوجها فقال: هل أذنت لخيرة أن تتصدق بحليها؟ فقال: نعم فقبله رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منها) قال في الزوائد: في إسناده يحيى وهو غير معروف في أولاد كعب فالإسناد ضعيف] سنن ابن ماجة ٢/ ٧٩٨. وقال الطحاوي: حديث شاذ لا يثبت. وقال الحافظ ابن عبد البر إسناد ضعيف لا تقوم به الحجة انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة ٢/ ٤٩٤.
وهذه الأحاديث التي استدل بها المخالف أجاب عنها جمهور أهل العلم بعدة أجوبة منها: ......
أولاً: إن هذه الأحاديث ضعيفة لا تصلح للاستدلال وبيان ذلك أن الحديث الأول وهو: [ليس للمرأة أن تنتهك شيئاً من مالها إلا بإذن زوجها] حديث ضعيف قال الهيثمي: [رواه الطبراني وفيه جناح مولى الوليد وهو ضعيف] مجمع الزوائد ٥/ ١٥. ونقل المناوي عن الهيثمي قوله [وفيه جماعة لم أعرفهم] فيض القدير ٥/ ٤٨٢ كما أن الشيخ الألباني ضعف الحديث بقوله: [قلت هذا إسناد ضعيف] إلا أنه قواه بشواهده في السلسلة الصحيحة ٢/ ٤١٩. وأما حديث عمرو بن شعيب فضعفه الإمام الشافعي فقد ذكر البيهقي عن الشافعي أنه قال:[يعني في هذا الحديث سمعناه وليس بثابت فيلزمنا نقول به والقرآن يدل على خلافه ثم السنة ثم الأثر ثم المعقول وقال في مختصر البويطي والربيع قد يمكن أن يكون هذا في موضع الاختيار كما قيل ليس لها أن تصوم يوماً وزوجها حاضر إلا بإذنه فإن فعلت فصومها جائز وإن خرجت بغير إذنه فباعت فجائز وقد أعتقت ميمونة رضي الله عنها قبل أن يعلم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يعب ذلك عليها فدل هذا مع غيره على أن قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن كان قاله أدب واختيار لها قال الشيخ الطريق في هذا الحديث إلى عمرو بن شعيب صحيح ومن أثبت أحاديث عمرو بن شعيب لزمه إثبات هذا إلا أن الأحاديث التي مضت في الباب قبله أصح إسناداً وفيها وفي الآيات التي احتج بها الشافعي رحمه الله دلالة على نفوذ تصرفها في مالها دون الزوج فيكون حديث عمرو بن شعيب محمولاً على الأدب والاختيار كما أشار إليه في كتاب البويطي وبالله التوفيق] السنن الكبرى ٦/ ٦٠ - ٦١.
وأما حديث خيرة امرأة كعب فهو حديث ضعيف أيضاً كما سبق في كلام الطحاوي وابن عبد البر.
ثانياً: قال الجمهور لو سلمنا بصحة الأحاديث التي احتج بها المخالف لقدمت عليها أحاديثنا لأنها أصح منها.
ثالثاً: إن عموم الأدلة التي احتج بها الجمهور أقوى من هذه الأحاديث التي لم تسلم من الطعن.
رابعاً: لو سلمنا بصحة هذه الأحاديث فإنها تحمل على أن ذلك من حسن معاشرة الزوجة لزوجها لا على أنه لازم لها.