للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى. وفيه إشارة إلى الرد على الطبري حيث استدل بالحديث على جواز الادخار مطلقاً خلافاً لمن منع ذلك وفي الذي نقله الشيخ تقييد بالسنة اتباعاً للخبر الوارد لكن استدلال الطبري قوي بل التقييد بالسنة إنما جاء من ضرورة الواقع لأن الذي كان يدخر لم يكن يحصل إلا من السنة إلى السنة لأنه كان إما تمراً وإما شعيراً فلو قدر أن شيئاًَ مما يدخر كان لا يحصل إلا من سنتين إلى سنتين لاقتضى الحال جواز الادخار لأجل ذلك والله أعلم. ومع كونه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يحتبس قوت سنة لعياله فكان في طول السنة ربما استجره منهم لمن يرد عليه ويعوضهم عنه ولذلك مات - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودرعه مرهونة على شعير اقترضه قوتاً لأهله. واختلف في جواز ادخار القوت لمن ......

يشتريه من السوق، قال عياض: أجازه قوم واحتجوا بهذا الحديث ولا حجة فيه لأنه إنما كان من مغل الأرض، ومنعه قوم إلا إن كان لا يضر بالسعر وهو متجه إرفاقاً بالناس ثم محل هذا الاختلاف إذا لم يكن في حال الضيق وإلا فلا يجوز الادخار في تلك الحالة أصلاً] فتح الباري ٩/ ٦٢٢ - ٦٢٤.

ويجب التنبيه إلى أمرين في هذه المسألة: الأول: إنه لا ينبغي للناس التهافت الكبير على شراء المواد الغذائية بحيث أن الأسواق تكاد تفرغ مما فيها وأن يشتري الإنسان قدر حاجته ولا يبالغ في ذلك لما في المبالغة من أضرار قد تلحق بالمجتمع بشكل عام.

الثاني: على التجار أن يتقوا الله فلا يرفعوا الأسعار ولا يستغلوا إقبال الناس على الشراء برفع الأسعار بحجج واهية كما أن على التجار أن يتقوا الله وينصحوا للناس حيث إن بعض التجار الجشعين قد استغلوا الظروف الحالية فباعوا للناس بضائع قديمة انتهت صلاحيتها فهذا حرام شرعاً، لما ينطوي عليها من الغش والإضرار بالناس فقد صح في الحديث أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من غشنا فليس منا) رواه مسلم.

وخلاصة الأمر أنه يجوز ادخار المواد الغذائية وغيرها بشرط أن لا يلحق هذا الأمر الضرر بالناس والادخار لا يتنافى مع التوكل على الله سبحانه وتعالى .......

<<  <  ج: ص:  >  >>