إليه محرماً غير ما في سورة الأنعام مما قد نزل بعدها من القرآن ... وعند فقهاء الأمصار منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة وعبد الملك أن أكل كل ذي ناب من السباع حرام، وليس يمتنع أن تقع الزيادة بعد قوله:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} بما يرد من الدليل فيها، كما قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث) فذكر الكفر والزنى والقتل. ثم قال علماؤنا: إن أسباب القتل عشرة بما ورد من الأدلة، إذ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما يخبر بما وصل إليه من العلم عن الباري تعالى، وهو يمحو ما يشاء ويثبت وينسخ ويقدر. وقد ثبت عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:(أكل كل ذي ناب من السباع حرام) وقد روي (أنه نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير ... ) ... ] تفسير القرطبي ٧/ ١١٥ - ١١٧.
ومما يدل على أن المحرمات ليست محصورة فيما ذكرته الآية الكريمة ما ورد في الحديث عن المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:(ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السبع ... ) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود ٣/ ٨٧١.
قال الإمام الخطابي في شرح الحديث:[ ... يحذر بذلك مخالفة السنن التي سنَّها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مما ليس له ذكر في القرآن على ما ذهب إليه الخوارج والروافض من الفرق الضالة فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي ضمنت بيان الكتاب فتحيروا وضلوا ... وفي الحديث دليل على أن لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب وأنه مهما ثبت عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيء كان حجة بنفسه] معالم السنن ٤/ ٢٧٦.
ومما يدل أيضاً على أن المحرمات ليست محصورة فيما ذكرته الآية الكريمة ما روي في الحديث عن عيسى بن نميلة عن أبيه قال: (كنت عند ابن عمر فسئل عن أكل القنفذ فتلا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا}