للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) وقد يجلسون إذا صلوا عشر ركعات فتتقطع الصفوف بجلوسهم وربما يتحدثون أحياناً فيشوشون على المصلين وكل هذا من الخطأ ونحن لا نشك بأنهم يريدون الخير وأنهم مجتهدون لكن ليس كل مجتهد يكون مصيباً] الشرح الممتع ٤/ ٧٣ - ٧٤.

وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين يرحمه الله أيضاً: [إذا قال قائل: صححتم أنها إحدى عشرة ركعة، فما رأيكم لو صلّينا خلف إمام يصليها ثلاثاً وعشرين، أو أكثر، هل إذا قام إلى التسليمة السادسة نجلس وندعه، أو الأفضل أن نكمل معه؟

الجواب: نقول: الأفضل أن: نكمل معه، ودليل ذلك من وجهين:

الوجه الأول: قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في قيام رمضان: (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة). ومن جلس ينتظر حتى يصل الإمام إلى الوتر ثم أوتر معه، فإنه لم يصلَّ مع الإمام حتى ينصرف؛ لأنه ترك جزءاً من صلاته.

الوجه الثاني: عموم قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إنما جعل الإمام ليؤتم به) وهذا يشمل كل فعل فعله الإمام ما لم يكن منهياً عنه، والزيادة على إحدى عشرة ليس منهياً عنها، وحينئذ نتابع الإمام.

أما لو كانت الزيادة منهياً عنها مثل: أن يصلي الإنسان صلاة الظهر خمساً فإننا لا نتابعه. ثم ينبغي أن نعلم أن اتفاق الأمة مقصود قصداً أولياً بالنسبة للشريعة الإسلامية، لأن الله يقول: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} سورة المؤمنون الآية ٥٢. والتنازع بين الأمة أمر مرفوض، قال الله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ} سورة آل عمران الآية ١٠٥. وقال الله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} سورة الشورى الآية ١٣. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} سورة الأنعام الآية ١٥٩. وقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم) يقوله في تساوي الناس في الصف، (ولما صلّى عثمان - رضي الله عنه - في مِنى في الحج الرباعية أربعاً ولم يقصر بعد أن مضى من خلافته ثماني سنوات، وأنكر الناس عليه، وقالوا قصر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعمر) يعني: وأنت في أول خلافتك، لكنه - رضي الله عنه - تأول، فكان الصحابة الذين ينكرون عليه يصلون خلفه أربعاً، وهم ينكرون عليه مع أن هذه زيادة متصلة بالصلاة منكرة عندهم، ولكن تابعوا الإمام فيها إيثاراً للاتفاق، فما بالك بزيادة منفصلة، لو تعمدها الإنسان لا تؤثر على بطلان الصلاة؟ ونحن نقول: إننا متمسكون بالسنة ومتّبعون لآثار الصحابة ثم نخالف في هذه المسألة، فإني أقول إنَّ كل إنسان يقول: إنه متبع للسنة متبع لهدي السلف فإنه لا يسعه أن يدع الإمام إذا صلّى ثلاثاً وعشرين ويقول: أنا

سأتبع السنة وأصلي إحدى عشرة؛ لأنك مأمور بمتابعة إمامك منهي عن المخالفة، ولست منهياً عن الزيادة عن إحدى عشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>