النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فالأصل فيها التوقيف أي أن الأصل أن لا نفعل شيئاً في باب العبادات ما لم يكن وارداً عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويجب علينا أن نلتزم بذلك بلا زيادة ولا نقصان وقد بين لنا الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كيفية الصلاة وعدد ركعاتها وأوقاتها وكل ما يتعلق بها وعلَّم الصحابة كيف يصلون وصلى أمامهم، وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلوا كما رأيتموني أصلي) رواه البخاري.
وقد علمنا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن الإمام يقف أمام المأمومين وليس العكس ومقتضى لفظ إمام أن يكون أمام المأمومين وعلى ذلك دل قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه) رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله: (إنما جعل الإمام ليؤتم به) قال البيضاوي وغيره: الائتمام الإقتداء والإتباع أي جعل الإمام إماماً ليقتدى به ويتبع, ومن شأن التابع أن لا يسبق متبوعه ولا يساويه ولا يتقدم عليه في موقفه, بل يراقب أحواله ويأتي على أثره بنحو فعله, ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال] فتح الباري ٢/ ٢٣١.
وقد اتفق جماهير أهل العلم على أن الإمام يتقدم إذا كان المأمومون اثنين فأكثر وهذه هي السنة الثابتة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام فإن وقفوا قدامه لم تصح، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ... ولنا قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إنما جعل الإمام ليؤتم به) ولأنه يحتاج في الإقتداء إلى الالتفات إلى ورائه، ولأن ذلك لم ينقل عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا هو في معنى المنقول فلم يصح كما لو صلى في بيته بصلاة الإمام ويفارق من خلف الإمام فإنه لا يحتاج في الإقتداء إلى الالتفات إلى ورائه] المغني ٢/ ١٥٧.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني:[والأصل في الإمام أن يكون متقدماً على المأمومين إلا إن ضاق المكان أو لم يكن إلا مأموم واحد] فتح الباري ٢/ ٢١٦.
ومما يدل على ذلك أن المنقول عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يقوم أمام أصحابه إذا صلى بهم ولم ينقل أن واحداً من الصحابة تقدم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -