كل رجل منا أسيره حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره حتى قدمنا على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكرناه فرفع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يده فقال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين) رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله: (اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد) قال الخطابي: أنكر عليه العجلة وترك التثبت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم صبأنا] فتح الباري ٨/ ٧٢.
وروى الإمام البخاري في باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة ... قال حدثني أبو بردة بن أبي موسى - رضي الله عنه - قال:(وجع أبو موسى وجعاً شديداً فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برئ من الصالقة والحالقة والشاقة) والصالقة هي التي ترفع صوتها بالبكاء، والحالقة التي تحلق رأسها عند المصيبة، والشاقة التي تشق ثوبها.
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) رواه البخاري. وفي هذا الحديث أعلن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البراءة ممن فعل هذه الأفعال الشائنة قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله: (ليس منا) أي - ليس - من أهل سنتنا وطريقتنا, وليس المراد به إخراجه عن الدين, ولكن فائدة إيراده بهذا اللفظ المبالغة في الردع عن الوقوع في مثل ذلك كما يقول الرجل لولده عند معاتبته: لست منك ولست مني، أي ما أنت على طريقتي ... والأولى أن يقال: المراد أن الواقع في ذلك يكون قد تعرض لأن يهجر ويعرض عنه فلا يختلط بجماعة السنة تأديباً له على استصحابه حالة الجاهلية التي قبحها الإسلام, فهذا أولى من الحمل على ما لا يستفاد منه قدر زائد على الفعل الموجود. وحكي عن سفيان أنه كان يكره الخوض في تأويله ويقول: ينبغي أن يمسك عن ذلك ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر. وقيل: المعنى ليس على ديننا الكامل, أي أنه خرج من فرع من فروع الدين وإن كان معه