أصله, حكاه ابن العربي. ويظهر لي أن هذا النفي يفسره التبري الآتي في حديث أبي موسى بعد باب حيث قال:(برئ منه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وأصل البراءة الانفصال من الشيء] فتح الباري ٣/ ٢٠٩. وهنالك حالات أخرى أعلن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيها البراءة ممن يفعل المعاصي منها عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(من حمل علينا السلاح فليس منا) رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(من حمل علينا السلاح فليس منا ومن غشنا فليس منا) رواه مسلم. وعن عمران بن حصين عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(من انتهب نهبة فليس منا) رواه الترمذي. وقال هذا حديث حسن صحيح. والنهبة المال المأخوذ على وجه القهر والعلانية. وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من حلف بالأمانة فليس منّا) رواه أبو داود وهو حديث حسن.
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ليس منا من حلف بالأمانة ومن خبب على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا) رواه أحمد ومعنى خبب أي أفسد المرأة على زوجها، وغير ذلك من الأحاديث.
وينبغي التنبيه على أمرين هامين: أولهما أن البراءة من النسب محرمة تحريماً صريحاً فلا يجوز لأحد أن يعلن براءته من نسبه كأن يتبرأ الولد من نسبه لأبيه أو يعلن الوالد براءته من نسب ابنه منه ونحو ذلك فهذا أمر محرم شرعاً فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر) رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [ ... وإنما المراد به من تحول عن نسبته لأبيه إلى غير أبيه عالماً عامداً مختاراً وكانوا في الجاهلية لا يستنكرون أن يتبنى الرجل ولد غيره ويصير الولد ينسب إلى الذي تبناه حتى نزل قوله تعالى:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} ... وقال بعض الشراح: سبب إطلاق الكفر هنا أنه كذب على الله كأنه يقول خلقني الله من ماء فلان, وليس كذلك لأنه إنما خلقه من غيره ... ] فتح الباري ١٢/ ٦٧. وروى مسلم يإسناده عن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: (ليس