للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا يظهر لنا أنه لا إشكال في كون الكسوف يقع حسب أسباب فلكية معروفة لتوسط القمر بين الأرض والشمس فيحجب ضوء الشمس وأنه يحدث في مواعيد معروفة مسبقاً ومحسوبة بدقة وبين كون الكسوف آية من آيات الله يخوف الله بها عباده فإن المؤمن يتيقن أن كل سبب ومسبب خاضع لإرادته تعالى مخلوق بقدرته سبحانه فإذا وقع شيء غريب حدث عند المؤمن الخوف لقوة اعتقاده بأن الله تعالى يفعل ما يشاء وأنه ذو العظمة الباهرة التي لا نهاية لها وذلك لا يمنع أن يكون ثمة أسباب أدت إلى تلك الحادثة الغريبة التي خرقت النظام المعتاد.

وذلك كمثل من ضبط الساعة ذات الجرس المنبه كي يرن جرسها في وقت معين فهل يمتنع عن الاستيقاظ والانتباه لكونه يعلم ذلك من قبل؟ فكذلك أعلمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذه التغييرات جعلها الله لحكمة عظيمة ألا وهي العظة والذكرى فهل من مدكر) هدي النبي- صلى الله عليه وسلم - في الصلوات الخاصة ص ١٦٣.

هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف:

لما كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السنة العاشرة للهجرة خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد فزعاً يجر رداءه فتقدم فصلى ركعتين قرأ في الأولى فاتحة الكتاب وسورة طويلة جهر بالقراءة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه من الركوع فأطال القيام وهو دون القيام الأول وقال لما رفع رأسه سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ثم أخذ في القراءة ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع رأسه من الركوع ثم سجد سجدة طويلة فأطال السجود ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الأولى فكان في كل ركعة ركوعان وسجودان ... ثم انصرف فخطب بهم خطبة بليغة حفظ منها قوله: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا يا أمة محمد والله ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً).

<<  <  ج: ص:  >  >>