واعترض بأن الشرط النحوي والتعليقي ليس بهذا المعنى بل غايته السببية والملزومية وانتفاء السبب أو الملزوم لا يوجب انتفاء المسبب أو اللازم لجواز تعدد الأسباب ولو كان شرطاً بهذا المعنى لم يتصور اختلاف القول بمفهوم الشرط.
وذهب إمامنا أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه إلى أن مجرد الارتداد يوجب الإحباط لقوله تعالى:(وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) المائدة الآية ٥.
وما استدل به الشافعي ليس صريحاً في المقصود لأنه إنما يتم إذا كان جملة:(وأؤلئك) الخ، تذييلاً معطوفاً على الجملة الشرطية وأما لو كانت معطوفة على الجزاء وكان مجموع الإحباط والخلود في النار مرتباً على الموت على الردة فلا نسلم تماميته ومن زعم ذلك اعترض على الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه بأن اللازم عليه حمل المطلق على المقيد عملاً بالدليلين وأجيب بأن حمل المطلق على المقيد مشروط عنده بكون الإطلاق والتقييد في الحكم واتحاد الحادثة وما هنا في السبب فلا يجوز الحمل لجواز أن يكون المطلق سبباً كالمقيد] تفسير الألوسي ١/ ٥٠٥.
وبعد هذا العرض لأقوال العلماء يظهر أن حمل المطلق على المقيد وجيه جداً.
قال الشوكاني:[والواجب حمل ما أطلقته الآيات في غير هذا الموضع على ما في هذه الآية من التقييد] تفسير فتح القدير ١/ ٢١٨.
وقال الشيخ الشنقيطي:[ومقتضى الأصول حمل هذا المطلق على هذا المقيد فيقيد إحباط العمل بالموت على الكفر وهو قول الشافعي ومن وافقه خلافاً لمالك القائل بإحباط الردة العمل مطلقاً] أضواء البيان ٢/ ٦.
ومع وجاهة هذا القول وقوته وهو أن الحج السابق على الردة معتبر ولا يلزم إعادته فأقول خروجاً من خلاف أهل العلم أرى أن يحج هذا