للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قراحا، فإنّى مقتول صباحا. ثم انطلق فأسند (١) في السد، ورأى القوم يطلبون أثره حيث أخطأ، فتبعوه حتى وجدوه (٢) قد دخل في غار السد. فلما ظهروا السد علموا أنه في الغار، فنادوه فقالوا: يا عمرو. قال: ما تشاءون؟ قالوا: اخرج.

فقال: فلم إذاً دخلت؟ قالوا: بلى فاخرج. قال: لا، لا أخرج! قالوا:

فأنشدنا قولك:

ومقعدِ كربةٍ قد كنتُ فيها … مكان الإصبعين من القبال (٣)

فقال: ها هي هذه أنا فيها. ويعنُّ له رجل من القوم فيرميه عمرو فيقتله.

قالوا: قتلته يا عدوّ اللّه؟ قال: أجل، قد بقيت معي أربعة أسهم كأنها أنياب أم جليحة. قالوا: يا أبا بجاد (٤)، ادخل عليه وأنت حر! فتهيأ أبو بجاد ليدخل فقال له عمرو: ويحك، ما ينفعك أن تكون حراً إذا قتلتك! فنكص عنه.

فلما رأوا ذلك صعدوا فنقبوا عليه ثم رموه حتى قتلوه وأخذوا سلبه فرجعوا به، وإذا أم جليحة تتشوف، فلما رأوها قالوا: يا أم جليحة، ما رأيك في عمرو؟

قالت: رأيي والله أنكم طلبتموه سريعاً (٥)، ولقيتموه منيعاً، وصبتموه مريعاً (٦).

قالوا: قد والله قتلناه. قالت: والله ما أراكم فعلتم، ولئن كنتم فعلتم لربّ ثدي (٧)


(١) ا: «فاستد»، ب بتصحيح الشنقيطي «فاستند». والوجه ما أثبت. سند في الجبل، وأسند: رقى.
(٢) ا: «تجدوه»، وما كتبه الشنقيطي يوافق ما في الأغانى.
(٣) قبال النعل: زمامها، يكون بين الإصبع الوسطى والتي تليها.
(٤) الأغانى: «فقالوا لعبدهم: يا أبا نجاد».
(٥) ا: «شريف» وصححه الشنقيطي مطابقا ما في الأغانى.
(٦) في اللسان: «صاب السهم القرطاس صيبا: لغة في أصابه». وفي الأغانى:
«ووضعتموه». مريعا، من قولهم: رجل مريع الجناب: كثير الخير. وفي الأغانى. «صريعا».
وفي ديوان الهذليين ٣: ١٢٠: «لئن طلبتموه لتجدنه منيعا، ولئن أضفتموه لتجدن جنابه مريعا، ولئن دعوتموه لتجدنه سريعا».
(٧) أي امرأة ذات ثدي. ا: «بدى» وصححه الشنقيطي مطابقا ما في الأغانى.

<<  <   >  >>