للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقال له حريز (١) - وهو موضع بتثليث، وبينهما فلاة من الأرض - فتبعهم توبة في أناس من أصحابه حتى ذكر له أنه عند رجل من بني عامر بن عقيل، يقال له سارية بن عويمر (٢) بن أبي عدي، وكان صديقاً لتوبة، فقال توبة:

والله لا أطرقهم (٣) وهم عند سارية الليلة، حتى يخرجوا من عنده. فأرسل توبة رجلين من أصحابه فقال: ارصدوا القوم حتى يخرجوا. وكان القوم أرادوا أن يخرجوا حين يصبحون، فقال سارية: ادرعوا الليل في الفلاة (٤). وغفل صاحبا توبة (٥)، فلما ذهب الليل فزع توبة وقال: لقد اغتررت برجلين ما صنعا شيئاً، وإني لأعلم أن لن يصبحوا بهذه البلدة (٦)! فاستضاء لآثارهم (٧)، فإذا هو بآثار القوم قد خرجوا، فبعث إلى صاحبيه فأتياه فقال: دونكما هذا الجمل فأوقراه من الماء ثم اتبعوا أثري؛ فإنه لا يخفى عليكما حتى تدركاني، وإني سأوقد لكما (٨) إن أمسيتما دوني.

ثم خرج توبة في إثر القوم مسرعاً حتى انتصف النهار وجاوز علماً يقال له «أفيح» في الغائط، فقال لأصحابه: هل ترون ماء بين سمرات (٩) إلى جنب


(١) في النسختين: «ما لهم فقال له حريز»، صوابه من الأغانى، لكن فيها «جرير» محرفة.
(٢) الأغانى: «عمير».
(٣) الأغانى: «لأنظرنهم».
(٤) الأغانى: «فقال لهم سارية: ادرعوا الليل فإني لا آمن توبة عليكم فإنه لا ينام عن طلبكم».
(٥) في النسختين: «صاحب توبة».
(٦) في النسختين: «الليلة». وفي الأغانى: «البلاد».
(٧) كذا. وفي الأغانى: «فاقتص آثارهم».
(٨) الأغانى: «فإن خفى عليكما أن تدركانى فإني سأنور لكما».
(٩) في النسختين: «ما بين شمرات». وفي الأغانى: «هل ترون سمرات».
والسمرات: جمع سمرة بفتح السين وضم الميم، وهي ضرب من العضاه.

<<  <   >  >>