للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضى، وإني سأحفر لكم في البستان سربا إلى البيت الذي يكون فيه. فحفرت سربا، وجاء فيروز ودادويه وقيس بن المكشوح، فلما قاموا إلى السرب (١) قال بعضهم: أيكم يدخل عليه؟ فقال دادويه: أنا شيخ كبير وأخاف أن أضربه فلا أغنى فيه شيئا، ولكن يا قيس ادخل أنت. فقال قيس: إني رجل تأخذنى رعدة عند الحرب، وأخاف إن ضربته أن لا تغنى ضربتي شيئا. فدخل فيروز - وكان أشبّ القوم - فإذا هو نائم على حشايا من ريش، والمرأة عند رأسه.

فأشار إليها: أين رأسه؟ فأشارت إليه. ولم يكن مع فيروز سيف فأراد الرجوع إلى أصحابه ليأخذ سيفا، فكأنما أتاه شيطان فأيقظه وإنّ عيناه تبصّان (٢). فعالجه فيروز فأخذ برأسه ولحيته فدقّ عنقه وخرج، واتبعته المرأة فقالت: أنشدكم باللّه كلّكم وعورتكم (٣)! فقال لها: لا بأس قد قتلته. وخرج فأخبر أصحابه، فدخل قيس فاحتزّ رأسه وألقاه إلى الناس، وخرج فأذّن بالصلاة. ثم إن قيسا خاف على نفسه عنسا فأراد أن يرضيهم بقتل فيروز ودادويه، فصنع لهما طعاما ثم أرسل إليهما فأتياه، فخرج فيروز يسقى (٤) فرسه، وتقدم دادويه إلى منزل قيس فاغتاله على الطعام وقتله، وخرجت امرأة فلقيت فيروز (٥) وهو مقبل إلى منزل قيس، وقد رأت قتل دادويه، فقالت: ويحك، قد واللّه قتل صاحبك! فركب فرسه وانطلق. فقال عمرو بن معديكرب يعنّف قيسا بقتله دادويه غدرا:


(١) ب: «على السرب».
(٢) عيناه، كذا وردت في النسختين. تبصان: تلمعان. وفي ا: «تبضان»، صوابه في ب.
(٣) الطبري ٣: ٢٢٠: «فقالت أختكم نصيحتكم».
(٤) ب: «ليسقى» بخط الناسخ.
(٥) في النسختين: «فيروزا»، وهو علم أعجمي.

<<  <   >  >>