للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك، وتوجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه، وكان علي رضي الله عنه قد ضجر من أهل الكوفة، وكان كثيراً ما يدعو عليهم، وكان كثيراً ما ينشد إذا آذوه:

خلُّوا سبيل العير يأتِ أهله … سوفَ ترون فعلكم وفعله

وكان كثيراً ما يقول:

لا شيءَ إلاَّ الله فارفع ظنّكا … يكفيك ربّ الناس ما أهمّكا

وكان يقول أيضاً:

خلُّوا سبيل الجاهدِ المجاهدِ … أبيتُ أنْ أعبدَ غيرَ الوحد

وكان يقول:

فأيَّ يوميَّ من الموتِ أفرّْ (١) … أيومَ لم يقدرَ أم يومَ قدرْ

وكان يقول: ما يحبس أشقاها، أما والله لعهد إلى النبي الأمي صلى الله عليه وسلم أن هذه تخضب من هذه - يعنى لحيته من هامته - وكان يقول:

اشدد حيازيمك للموت … فإنَّ الموت آتيكا (٢)

ولا تجزعْ من الموتِ … إذا حلَّ بواديكا

فلما كانت الليلة التي اتّعدوا لها، وكانت ليلة الجمعة، بات ابن ملجم في مسجد الجماعة بجنب الأشعث بن قيس الكندي، وكان علي رضي الله عنه رأى في تلك الليلة رؤيا فخبر بها أبا عبد الرحمن السلمي وهو مجروح فذكر أبو عبد الرحمن وكان مؤدب الحسن والحسين رضي الله عنهما، قال: دخلت عليه وهو مجروح فقال:

ادن مني يا أبا عبد الرحمن - والنساء يبكين - فدنوت منه فقال لي: بت الليلة أوقظ أهلي، فملكتني عيني وأنا جالس، فسنح لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم


(١) ويروى: «في أي يومى». شرح شواهد المغنى للسيوطي ٢٣١ حيث نسب الشعر إلى الحارث بن منذر الجرمي. والشطر بعده شاهد للنصب بلم.
(٢) يجعله العروضيون شاهدا للخزم، وهو زيادة تعرض في أول البيت. العمدة ٢:
٩٢. وانظر مقاتل الطالبيين ٣١ والأغانى ١٤: ٣٣.

<<  <   >  >>