للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخبيرُ العليمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعاقبة هذا الرجل؛ لسوء مقصده وخبث نيته (١)، قال الإمام القرطبي – رحمه الله – في فوائد هذا الحديث: (( ... فيه التنبيه على ترك الاعتماد على الأعمال، والتعويل على فضل ذي العزة والجلال)) (٢).

وقال الإمام النووي – رحمه الله –: ((فيه التحذير من الاغترار بالأعمال، وأنه ينبغي للعبد أن لا يتكل عليها، ولا يركن إليها، مخافة انقلاب الحال للقدر السابق، وكذا ينبغي للعاصي أن لا يقنط ولغيره أن لا يُقنِّطه من رحمة الله)) (٣)؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((سدِّدوا وقارِبوا، وأبشِروا، فإنه لن يُدخلَ الجنةَ أحداً عملُهُ)) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلا أن يتغمدَّنيَ الله منه برحمة. واعلموا أن أحبَّ العمل إلى الله أدومُه وإن قلَّ)) (٤).

وقد مدح الله الخائفين على أعمالهم الصالحة يخشون أن لا تقبل منهم، فقال - عز وجل -: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (٥)، قالت عائشة رضي الله عنها للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أهو الذي يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: ((لا يا بنت أبي بكر [أو يا بنت الصِّدِّيق]، ولكنه الرجل يصوم، ويتصدق، ويصلي، ويخاف أن لا يتقبل منه)) (٦).


(١) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ١/ ٣١٨.
(٢) المرجع السابق، ١/ ٣١٨.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٢/ ٤٨٦.
(٤) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: البخاري، كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، ٧/ ٢٣٣، برقم ٦٤٦٤، ومسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب لن يدخل الجنة أحد بعمله بل برحمة الله، ٤/ ٢١٧١، برقم ٢٨١٨.
(٥) سورة المؤمنون، الآية: ٦٠.
(٦) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب التوقي في العمل، ٢/ ١٤٠٤، برقم ٤١٩٨، والترمذي كتاب تفسير القرآن، باب ((ومن سورة المؤمنون))، ٥/ ٣٢٧، برقم ٣١٧٥، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ١٦٢، وفي صحيح سنن ابن ماجه، ٢/ ٤٠٩، وصحيح سنن الترمذي، ٣/ ٨٠.

<<  <   >  >>