للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُنفذ، أو أُمضي، فقد قُضيَ، وقد جاءت هذه الوجوه كلها في الحديث (١).

وأما العلاقة بين القضاء والقدر ففي ذلك أقوال:

القول الأول: قال ابن الأثير رحمه الله: ((ومنه القضاء المقرون بالقدر: المراد بالقدر التقدير، وبالقضاء الخلق، فالقضاء والقدر أمران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ لأن أحدهما بمنزلة الأساس، والآخر بمنزلة البناء، فمن رام الفصل بينهما، فقد رام هدم البناء ونقضه (٢).

القول الثاني: قيل: القضاء: هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل، والقدر: جزيئات ذلك الحكم وتفاصيله (٣)، والمعنى: أن القضاء: هو العلم السابق الذي حكم الله به في الأزل، والقدر هو وقوع الخلق على وزن الأمر المقضي السابق (٤) عكس القول الأول.

القول الثالث: قيل: القضاء من الله تعالى أخص من القدر؛ لأنه الفصل بين التقدير، فالقدر هو التقدير والقضاء هو الفصل والقطع، وقد ذكر بعض العلماء: أن القدر بمنزلة المُعدِّ للكيل، والقضاء بمنزلة الكيل، وهذا يبين أن القدر ما لم يكن قضاءً فمرجوٌّ أن يدفعه الله، فإذا


(١) النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، باب القاف مع الضاد، ٤/ ٧٨.
(٢) المرجع السابق، باب القاف مع الضاد، مادة ((قضا))، ٤/ ٧٨، واختار أن القضاء والقدر شيء واحد، الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود، في كتابه القضاء والقدر، ص٤٠، وقال: ((لا فرق بينهما في اللغة كما أنه لا دليل على التفريق بينهما في الشرع))، فإذا أطلق التعريف على أحدهما شمل الآخر، وإذا ذكرا جميعاً فلا مشاحة من تعريف أحدهما بالآخر))، ص٤٠ - ٤٤.
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر،١١/ ١٤٩،وعمدة القاري، لبدر العيني، ٢٣/ ١٤٥.
(٤) انظر: القضاء والقدر، للشيخ الدكتور عمر الأشقر، ص٢٧.والقضاء والقدر للدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود، ص٤٢، والإيمان بالقضاء والقدر، للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد، ص٢٩.

<<  <   >  >>