(٢) وخلاصة ما ذكره ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد، ١/ ٥١٩ - ٥٢٠: أنه لم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - الصلاة على كل غائب، فقد مات خلق كثير من المسلمين وهم غُيّب فلم يصلِّ عليهم، وصح عنه أنه صلى على النجاشي صلاته على الميت فاختلف الناس في ذلك على ثلاث طرق: الأول: إن هذا تشريع منه وسنة للأمة الصلاة على كل غائب، وهذا قول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه. القول الثاني: قال أبو حنيفة ومالك: هذا خاص به - صلى الله عليه وسلم -، وليس ذلك لغيره. القول الثالث: قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الصواب أن الغائب إن مات ببلد لم يصلَّ عليه فيه صلي عليه صلاة الغائب، وإن صلى عليه حيث مات لم يُصلَّ صلاة الغائب؛ لأن الفرض قد سقط بصلاة المسلمين عليه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على الغائب وتركه، وفعله وتركه سنة، وهذا له موضع والله أعلم، والأقوال ثلاثة في مذهب الإمام أحمد وأصحها هذا التفصيل، والمشهور عند أصحابه الصلاة عليه مطلقاً [زاد المعاد، ١/ ٥١٩ - ٥٢١]. وذكر العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى من خلاف العلماء ثلاثة أقوال من أقوال أهل العلم في حكم صلاة الغائب: القول الأول: يُصلَّى على كل غائب: شريفاً، أو وضيعاً، ذكراً أو أنثى، قريباً أو بعيداً، فيصلى على كل غائب ولو صُلّي عليه. القول الثاني: يصلى على الغائب إذا كان فيه غناء للمسلمين، أي منفعة. كالعلم الذي نفع الناس بعلمه، وتاجر نفع الناس بماله، ومجاهد نفع الناس بجهاده، وما أشبه ذلك، فيصلى عليه شكراً له وردّاً لجميله، وتشجيعاً لغيره أن يفعل مثل فعله. وهذا قول وسط اختاره كثير من العلماء المعاصرين وغير المعاصرين. القول الثالث: لا يصلَّى على الغائب إلا من لم يُصلَّ عليه حتى وإن كان كبيراً في علمه، أو ماله، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [الاختيارات الفقهية، ص٨٧]. انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، ٥/ ٤٣٧ - ٤٣٨.