للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه فقال: ((استغفروا لأخيكم، وسلُوا له التثبيت؛ فإنه الآن يُسأل)) (١).

قال الإمام الشوكاني رحمه الله: ((فيه مشروعية الاستغفار للميت عند الفراغ من دفنه، وسؤال التثبيت له؛ لأنه يُسأل في تلك الحال، وفيه دليل على ثبوت حياة القبر، وقد ورد بذلك أحاديث كثيرة بلغت حد التواتر)) (٢).وقد تقدمت الأدلة على فتنة القبر في أول الكتاب.

أسأل الله لي ولجميع المؤمنين العفو والعافية والثبات في الحياة الدنيا وبعد الممات (٣).

[التاسع عشر: آداب الجلوس والمشي في المقابر كثيرة، منها:]

١ - استقبال القبلة في الجلوس لمن كان ينتظر دفن الجنازة؛ لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: ((خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولم يلحد بعد، فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - مستقبلاً القبلة وجلسنا معه)) (٤)، قال الإمام الشوكاني رحمه الله: ((فيه دليل استحباب


(١) أبو داود، كتاب الجنائز، باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف، برقم ٣٢٢١، والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي، ١/ ٣٧٠، والبيهقي، ٤/ ٥٦، وصحح إسناده الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٣٠٥، وأحكام الجنائز، ص١٩٨.
(٢) نيل الأوطار للشوكاني، ٢/ ٧٨١.
(٣) أما خبر تلقين الميت الذي يفعله الشاميون فذكر أهل العلم أنه لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم -، وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ٦٠٥: ((وهذا فعله جماعة من الشاميين والجمهور على خلافهم، والأظهر والله أعلم أن هذا الحديث موضوع كما ذكر صاحب المنار، ولم يفعله الصحابة - رضي الله عنهم -)). وقال رحمه الله في مجموع الفتاوى له، ١٣/ ٢٠٦، في حكم التلقين بعد الدفن: ((بدعة وليس له أصل فلا يلقن بعد الموت، وقد ورد في ذلك أحاديث موضوعة ليس لها أصل وإنما التلقين يكون قبل الموت)).
(٤) أبو داود، برقم ٣٢١٢، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٣٠٣، وتقدم تخريجه في حديث الموعظة عند القبر، وهو عند أبي داود مطولاً، برقم ٤٧٥٣.

<<  <   >  >>