للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: صغره، والثاني نزاعه. وإنما أراد بالخطاب غيره من الحاضرين إشارة إلى أن ذلك لم يدخل في نهيه السابق، وفيه جواز الاعتراض على من خالف فعله ظاهر قوله؛ ليظهر الفرق)) (١).

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي [- صلى الله عليه وسلم -] يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم -، فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله (٢) فقال: ((قد قضى؟)) قالوا: لا يا رسول الله، فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بَكَوْا، فقال: ((ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذِّبُ بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا (٣) – وأشار إلى لسانه – أو يرحم (٤)، وإن الميت يعذَّب ببكاء أهله عليه)) (٥)، وكان عمر - رضي الله عنه - يضرب فيه بالعصا، ويرمي بالحجارة، ويحثي بالتراب)) (٦).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((في هذا إشعار بأن هذه القصة كانت بعد قصة إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن عبد الرحمن بن عوف كان معهم في هذه


(١) فتح الباري، لابن حجر، ٣/ ١٧٤.
(٢) في غاشية أهله: أي الذين يغشونه للخدمة وغيرها. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٧٥.
(٣) ولكن يعذب بهذا: أي إن قال سوءاً. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٧٥.
(٤) أو يرحم: أي إن قال خيراًً. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٧٥.
(٥) يعذب ببكاء أهله عليه: البكاء المحرم على الميت هو النوح، والندب بما ليس فيه، والبكاء المقرون بهما أو بأحدهما، شرح النووي على صحيح مسلم، ٦/ ٤٨٠. وانظر فتح الباري لابن حجر، ٣/ ١٥٣ - ١٦٠، وشرح النووي، ٦/ ٤٨٢ - ٤٨٦.
(٦) متفق عليه: كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم ١٣٠٤، ومسلم، كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم ٩٢٤.

<<  <   >  >>