للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فقمنا، وقعد فقعدنا –يعني في الجنازة–)) (١) فهذا يدل على أن الأمر بالقيام للجنازة للاستحباب، والقعود للجواز، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى بعد أن ذكر خلاف العلماء: ((فيكون الأمر للندب والقعود بياناً للجواز، ولا يصح دعوى النسخ في مثل هذا؛ لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث ولم يتعذر والله أعلم)) (٢) (٣).

ورجح الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى ما ذهب إليه الإمام النووي في الجمع بين الأحاديث (٤).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((وهذا يدل على أن السنة القيام للجنازة ولو كانت كافرة؛ فإن للموت فزعاً، وهذا القيام سنة وليس بواجب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام وقعد، فدل ذلك


(١) مسلم، كتاب الجنائز، باب نسخ القيام للجنازة، برقم ٩٦٢.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ٣٢.
(٣) وتمام كلام النووي: ((اختلف الناس في هذه المسألة فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: القيام منسوخ، وقال أحمد وإسحاق وابن حبيب، وابن الماجشون المالكيان: هو مخير، قال: واختلفوا في قيام من يشيعها عند القبر فقال جماعة من الصحابة والسلف لا يقعد حتى توضع، قالوا: والنسخ إنما هو في قيام من مرت به، وبهذا قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن، قال: واختلفوا في القيام على القبر حتى تدفن، فكرهه قوم وعمل به آخرون، روي عن عثمان، وعلي، وابن عمر، وغيرهم - رضي الله عنهم - هذا كلام القاضي. والمشهور في مذهبنا أن القيام ليس مستحباً وقالوا: هو منسوخ بحديث علي، واختار المتولي من أصحابنا أنه مستحب، وهذا هو المختار، فيكون الأمر به للندب، والقعود بياناً للجواز، ولا يصح دعوى النسخ في مثل هذا، لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث ولم يتعذر، والله أعلم)). [شرح النووي، ٧/ ٣١ - ٣٢].
(٤) زاد المعاد، ١/ ٥٢١، قال: ((وقيل: بل الأمران جائزان وفعله بيان للاستحباب وتركه بيان للجواز، وهذا أولى من ادعاء النسخ)).

<<  <   >  >>