للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأقبل عليهم بوجهه فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر)) (١).

وهل يستقبل الزائر وجه الميت أثناء السلام عليه كما في هذا الحديث؟ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((ومذهب الأئمة: مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وغيرهم من أئمة الإسلام أن الرجل إذا سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأراد أن يدعو لنفسه، فإنه يستقبل القبلة، واختلفوا في وقت السلام عليه: فقال الثلاثة: مالك، والشافعي، وأحمد: يستقبل الحجرة ويسلم عليه من تلقاء وجهه، وقال أبو حنيفة: لا يستقبل الحجرة وقت السلام كما لا يستقبلها وقت الدعاء، ثم في مذهبه قولان: قيل: يستدبر الحجرة، وقيل: يجعلها عن يساره)) (٢) (٣).

٤ - وهل يسمع أهل القبور سلام من يسلم عليهم أثناء زيارتهم؟ هذه مسألة اختلف أهل العلم فيها، وقد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية،


(١) الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم ١٠٥٣، وحسنه، والطبراني في الكبير، برقم ١٢٦١٣، وحسنه عبد القادر الأرناؤوط في تحقيقه لجامع الأصول لابن الأثير، ١١/ ١٥٧، وضعفه الألباني في أحكام الجنائز، ص٢٥٠.
(٢) قاعدة التوسل والوسيلة؛ لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص٢٥.
(٣) وقال شيخنا عبد العزيز ابن باز: ((يُدعى للميت سواء استقبل القبلة أو استقبل القبر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف على القبر بعد الدفن، وقال: ((استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل)) [مسلم، برقم ٩٧٤] ولم يقل: استقبلوا القبلة، فكل جائز سواء استقبل القبلة [أي أثناء الدعاء] أو استقبل القبر، والصحابة - رضي الله عنهم - دعوا للميت وهم مجتمعون حول القبر)) [مجموع فتاوى ابن باز، ١٣/ ٣٣٨]. وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في مكان وقوف زائر القبور: ((يقف عند رأس الميت مستقبلاً إياه)) [مجموع الرسائل له، ٧/ ٢٨٨]. وقال في موضع آخر: ((يسلم على الميت تجاه وجهه، ويدعو له وهو قائم هكذا بدون أن ينصرف إلى القبلة)). [مجموع رسائله، ١٧/ ٣٣٣].

<<  <   >  >>