للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيء، ثم أُتي من قبل رجليه فلا يوجد شيء، فيُقال له: اجلس، فيجلس خائفاً مرعوباً، فيقال له: أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه؟ وماذا تشهد به عليه؟ فيقول: أي رجل؟ فيقال: الذي كان فيكم، فلا يهتدي لاسمه حتى يقال له: محمد، فيقول: ما أدري سمعت الناس قالوا قولاً، فقلت كما قال الناس، فيُقال له: على ذلك حييت، وعلى ذلك مت، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله، ثم يفتح له باب من أبواب النار فيُقال له: هذا مقعدك من النار، وما أعد الله لك فيها، فيزداد حسرة وثبوراً، ثم يفتح له باب من أبواب الجنة، فيُقال له: ذلك مقعدك من الجنة، وما أعد الله لك فيه لو أطعته فيزداد حسرةً وثبوراً، ثم يُضيَّقُ عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، فتلك المعيشة الضنكة التي قال الله: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١)} (٢).

وأما رواية ابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلفظها: ((إن الميت يصير إلى القبر، فيُجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع ولا مشعوف (٣)، ثم يقال له: فيم كنت؟ فيقول: كنت في الإسلام، فيقال له: ما هذا


(١) سورة طه، الآية: ١٢٤.
(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه، في كتاب الجنائز، فصل في أحوال الميت في قبره، ٧/ ٣٨٠، برقم ٣١١٣، وقال شعيب الأرنؤوط: ((إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي)). وأخرجه عبد الرزاق (٦٧٠٣)، وابن أبي شيبة ٣/ ٣٨٣ - ٣٨٤، وهناد بن السري في ((الزهد)) (٣٣٨)، والطبري في ((جامع البيان)) ١٣/ ٢١٥ - ٢١٦، والحاكم، ١/ ٣٧٩ - ٣٨٠ و٣٨٠ - ٣٨١، والبيهقي في ((الاعتقاد)) ص٢٢٠ - ٢٢٢، وفي ((إثبات عذاب القبر)) (٦٧) من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في ((المجمع)) ٣/ ٥١ - ٥٢ وقال: رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) ٥/ ٣١ - ٣٢، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن مردويه.
(٣) ولا مشعوف، الشعف: شدة الفزع حتى يذهب بالقلب.

<<  <   >  >>