للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الإمام الشنقيطي – رحمه الله – أنه لا يصح في تفسير ذلك من أقوال العلماء إلا تفسيران:

الأول: {فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} أي لا تسمع الكفار الذين أمات الله قلوبهم، إسماع هدى وانتفاع؛ لأن الله ختم على قلوبهم، فهم لا يسمعون الحق سماع اهتداء وانتفاع.

الثاني: أن المراد بالموتى الذين ماتوا بالفعل، ولكن المراد بالسماع المنفي خصوص السماع المعتاد الذي ينتفع صاحبه به، وأن هذا مَثَلٌ ضربه الله للكفار، والكفار يسمعون الصوت ولكن لا يسمعون سماع قبول واتباع.

ثم تكلم رحمه الله عن مسألة سماع الموتى في قبورهم وأطال رحمه الله، واختار أنهم يسمعون كلام مَنْ كلَّمهم، وقال: إنه الذي يقتضي الدليل رجحانه، وبيّن أنّ من استدل بقول عائشة رضي الله عنها فقد غلط، وبيّن أنّ سماع الموتى ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث صحيحة لا مطعن فيها، ولم يذكر - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك خاص بإنسان ولا بوقت، ولم يثبت في الكتاب ولا في السنة شيء يخالف ذلك، ثم ذكر رحمه الله: كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل بدر، وسلامه على الأموات كالأحياء، فدل ذلك على أنهم يسمعون التسليم عليهم، وذكر ما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه الروح من الآثار الكثيرة التي تدل على معرفة الموتى بزيارة الأحياء، وردّ الله - عز وجل - أرواح الموتى عليهم أثناء سلام أقربائهم عليهم حتى يردوا عليهم السلام، وقد انتصر لسماع الموتى ابن تيمية رحمه الله (١) وتلميذه ابن القيم في كتابه ((الروح)) وغيره.


(١) مجموع الفتاوى، ٤/ ٢٩٥ - ٢٩٩، ٢٤/ ٣٠٤، ٣٣١، ٣٦٢ - ٣٧٩.

<<  <   >  >>