عصره: أليس انما يعرف الاخبار من تأخر عمن تقدم؟ فقال: بلى، قالوا له: أليس اليهود الذين كانوا مع محمد صلّى الله عليه وسلم وفي زمانه قد علموا ان موسى قد قال إن شريعته مؤبدة؟ فقال بلى: فقيل له: فلم لم يقولوا لمحمد انت قد زكيت موسى وصدقته ووثقته وهو قد قال ووصى بأن شريعته مؤبدة؟
وفي هذا كفاية في كذبك وبطلان قولك، وهذا امر ظاهر بيّن يستدركه رعن النساء فضلا عن عقلاء الرجال، فأين كانوا عنه وقد خرجوا معه وفي عداوته الى شدائد الامور، من شتمه وهجوه والغدر به ومساعدة قريش في محاربته وبذل الاموال والمهج في مكارهه؟ فقال: قد قالوا ذلك له وأقاموا الحجة به عليه، فقيل له: من اين لك العلم بهذه الدعوى؟ فقال: قد علمت ذلك، فقيل له: فلم لم يعلمه خصومك كما علمته؟ فقال: مجّته الاسماع، فقيل له: ما تزيد على الدعاوى: فإنك ادعيت ان ذلك قد كان، فقيل لك من اين لك العلم به ولم لا علمه خصومك؟ فادعيت ان الاسماع مجّته، فانتقلت من الدعوى الى دعوى، وقرنت الدعوى بدعوى، ولا فرق بين دعواك هذه وبين دعوى من ادعى ان اليهود حين قالوا هذا له أحيا الله موسى وهرون وأظهر على ايديهما الآيات والمعجزات فكاشفا محمدا وشافهاه وأقاما الحجة عليه بمشهد من اليهود ومن اصحابه، وان ذلك قد كان وعلم ولكن مجّته الاسماع، فما اتى بشيء.
واعلم ان اقوى حجج اليهود هو دعواهم ان موسى نص على ذلك ووصى به وقد مر/ لك الكلام عليه من غير وجه فما يحتاج في الرد على اليهود اكثر منه.
فإن قيل: فأنتم قد طالبتم هذه الطوائف التي ادعت هذه الدعاوى وادعت العلم بها، فقلتم لليهود والنصارى: لو كان علمكم بالصلب لهذا الشخص