العرب والعجم لأديانهم، ويأنفوا لأنفسهم وآلهتهم، فيستأصلونه ويصطلمونه «١» ويقتلونه ويمحون أثره. فلما سلم مع الحرص على قتله، وآلت الامور الى ما قال، علمت وتيقنت أنه من قبل الله، لأن مثله في هذا مثل من قال اني أخوض هذه النار المضرمة فلا تحرقني، او كمن قال: أتردّى من شاهق على/ الأسنّة وانا عريان فلا تنفذ فيّ، او كمن قال: أدخل من هذه السباع الضارية الجائعة التي قد أغضبتها وقتلت اولادها وهي حريصة على افتراسي ومحتاجة الى قتلي والراحة مني فأسلم منها ولا تقتلني، فهذا باب شاف.
وباب آخر [وعده وهو في وحدته اته سيكون في جماعات كثيرة]
وهو ما كان وعد وقال وهو في وحدته، إني سأصير في جماعات وعساكر فكان كما قال وأخبر، لأنه حين دعاهم أنكروا قوله وأكفروه وتلقوه بالردّ والتكذيب، ثم ما زال والنفر بعد النفر يجيبونه، حتى صار في عساكر، فاعتقدوا بصدقه ونبوته، وصاررا له جندا مطيعين، وحزبا متفقين، ينفقون أموالهم ويسفكون دماءهم في طاعته، ويفرّون من آبائهم ويقتلون أبناءهم ويفارقون أوطانهم لأجله وامتثالا لأوامره، وأزكى الأعمال عندهم ما أرضاه بلا دنيا بسطها فيهم، ولا اموال دفعها اليهم، ولا لرئاسة كانت له عليهم، بل كان يتيما فقيرا وحيدا معيلا محتاجا.
ثم جاءهم مجيئا ما جاء نبي قبله في مثل حاله، فان موسى صلّى الله عليه وسلم أتى قومه من بني إسرائيل، وهم أولاد الأنبياء، قد اعتقدوا الربوبية وعرفوا