للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال اصحاب عبد الله بن مسعود «١» : كنا عند عبد الله جلوسا وهو مضطجع بيننا، فأتى رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن إن قاصّا عند ابواب كندة- يعني الكوفة- يقصّ، يزعم ان آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله: - وجلس وهو غضبان- ايها الناس اتقوا الله، ومن علم شيئا فليقل بما يعلم، ومن لا يعلم فليقل الله أعلم، فإن الله قال لنبيه صلّى الله عليه وسلم: (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) «٢» . إن النبي صلّى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدبارا قال:

اللهم سبعا كسنيّ يوسف صلى الله عليه، فأخذتهم سنة حصدت كل شيء حتى اكلوا الجلود المنتنة والجيف، وينظر احدهم الى السماء فيرى دخانا من الجوع؛ فأثاه ابو سفيان بن حرب، فقال: يا محمد إنك حيث تأمر بالطاعة وبصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم. قال ابن مسعود:

فكانت الدخان سنين كسنيّ يوسف عليه السلام فكشف عنهم، اما ترونه قال: (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ) بعد ان قال له: فارتقب فارتقب صلّى الله عليه وسلم ووقع، ثم دعا فكشف. والبطشة/ الكبرى يوم بدر. وقد مضت آية الروم وآية الدخان والبطشة واللزام.

[باب]

ومن آياته بمكة، أنه صلّى الله عليه وسلم لما جمعهم ووعظهم ودعاهم الى اتباعه ومفارقة ما هم عليه من ديانات آبائهم ردّوا قوله، ومشى بعضهم الى بعض وقالوا:


(١) اسلم بن مسعود قديما وهاجر الهجرتين وشهد بدرا والمشاهد كلها، ولازم النبي صلى الله عليه وسلم. وحدث عنه الكثير، ثم شهد فتوح الشام، عينه عثمان على الكوفة ثم عزله، توفي سنة ٣٢ هـ. الاصابة ٢: ٣٦٠
(٢) سورة ص ٨٦