للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسأله الكلام عليهم فقال لهم: أخبروني أيما أيسر عندكم، العلم بما سيكون، أو العلم بما قد كان «١» ، فقال لهم: فأخبرونا عما قد كان، إن شئتم بالبصرة، وإن شئتم بالكوفة، وإن شئتم ببغداد، وإن شئتم في هذا القصر، بأن تقولوا في خزانة الكسوة كذا وكذا صندوقا أو رزمة أو عدلا، وفي الصندوق الفلاني كذا وكذا قميصا وكذا وكذا قباء، وكذا وكذا عمامة، وفصلوا ما في كل واحد منها، وهو شيء قد كان ووجد، وعرفه الخزان والفراشون، ولكم الكلام. فسكتوا فما أحاروا جوابا، وهذا شاف كاف بل زائد على الكفاية فما تحتاج معه إلى غيره في بيان فضيحتهم، فاعرف ذلك.

[الرد على أن النجوم تدل على ما كان ويكون، أو أن الأئمة يعلمون الغيب]

وكذا قال لهم أبو الفضل جعفر بن حرب رحمه الله: إذا قلتم إن النجوم تدل على ما كان ويكون، وما هو موجود ومعدوم، فما يمنعكم أن تستدلوا على كنوز كسرى وقيصر فتستغنوا بها عن خدمة الملوك، وطلب ما في أيدي الناس، والتذلل لهم لأجل ما عندهم، وكذلك معادن الذهب والفضة والغوص على الدر، فيجعلون للملوك عليه الجعل الثمين، ويخبروهم بمبلغ ما فيها. وقد سألهم أبو علي الجبائي عن مثل هذا، وسألهم أصحابه، وهذا ما لا حيلة لهم فيه، وإنما أنطق هؤلاء القرآن وما نبه الله عليه/ عباده مما تقدم ذكره، فعليك بمداومة درسه والفكر فيما تدرسه والتدبر له، ولو كان للمنجمين فطنة الشيع وما عندهم لما انقطعوا في يد أحد، فإنهم كانوا يقولون: قد علمنا ما كان وما يكون ولكن لا نقول، ونخطىء على عمد، ونفضح أنفسنا على عمد، ونشمت أعداءنا على عمد، ولو شئنا لا ستغنينا وأغنينا من شئنا ولكن لا نفعل على ضرب من التدبير. وعلى قول الشيع لا يفتضح كذاب، ولا تقوم حجة على محتال وكذاب ومتكهن ومتنبىء، فإن كل واحد من هؤلاء يقدر أن يقول أنا نبيّ، ولو شئت لأحييت الموتى وأخبرت بالغيوب، ولكن لا أفعل لضرب


(١) لعل هنا نقصا تقديره: «فقالوا بل العلم بما قد كان»