سيرشدان الناس، فإن أطاعوهما فقد رشدوا ورشدت أمهم، وإن عصوهما فقد غووا وغوت أمهم، يقولها ثلاثا.
[حول تولية الخلفاء الراشدين صحابة رسول الله]
وقد ولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق على الموسم سنة تسع وفيه عليّ ابن أبي طالب وغير واحد من بني هاشم، وأبو بكر الأمير والمصلي والخطيب والدافع بالناس دون عليّ، ودون أحد من بني هاشم. وقد استخلف رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق على الصلاة في مرضه، فصلّى ببني هاشم وبالمهاجرين والأنصار وبالناس كلهم وهناك من بني هاشم خلق كثير، فكانوا في كل ذلك سامعين ومطيعين وما كلفهم من الشدائد فأعظم، ولمثل هذا قال أمير المؤمنين لمعاوية في كتابه اليه، وقد ذكر فيه الشدائد التي كلفها رسول الله صلّى الله عليه وسلم بني هاشم: فكان إذ حمي الناس ودعي إلى البراز قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم أهل بيته فوقّى بهم/ أصحابه حرّ السيف وحرّ الأسنة، فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر، وحمزة يوم أحد، وقتل أخي جعفر يوم مؤتة، وقتل زيد بن حارثة يوم مؤتة، وأراد من لو شئت لذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة مع نبيّ الله صلّى الله عليه وسلم غير مرة غير أن آجالهم عجلت ومنيته تأخرت، فما سمعت ولا رأيت أحدا هو أنصح ولا أطوع لله ولرسوله في طاعة ربه، ولا أصبر من أهل بيته، وفي المهاجرين خلق كثير يعرفونه لهم، فجزاهم الله خيرا.
فتأمل رحمك الله هذه السيرة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإنها ضد سيرة طلاب الدنيا وخطاب الملك في أولاوهم أقاربهم وأهل بيتهم، وفي هذا كلام كثير، وقد تقدم له نظائر وأمثال، وقد تقدم ذكر وصاياه لأصحابه في مرضه فارجع اليها وتأملها.
وتأمل حالهم حين قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقد خاضوا فيمن الخليفة بعده كما قد تقدم لك فيما كان من بني هاشم والعباس وأبي سفيان مع أمير