للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثل قوله: «إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ» «١» فيتحير ذاك اليائس وفي عنقه أيمان قد قيدته عن الشكوى ولقاء العلماء ويخاف أيضا مما قد توعدوه به من أن جعفر بن محمد قال: من أفشى سرنا أذاقه الله حر الحديد في الدنيا والنار في الآخرة، وربما قالوا قد سخط الله على أهل الأرض فبدا له من إظهاره/ في الوقت الذي وعد أن يظهر فيه، والله يؤخر المقدم ويقدم المؤخر. وجواباتهم تحسب ما يرون في السائل من فطنة أو بلادة أو فقر أو غنى، أو عز أو ذل، فيورون عن فضائحهم بألوان الحيل.

فيقال لهم: قولكم أخر الله خروجه عن الوقت الذي وقّته لذنوب العباد ولسخطه عليهم، كل هذا سخرية وفضيحة لكم، فإن الله عز وجل لا يعاقب عباده بإخلاف مواعيده وبكذب إخباره، وإذا قال الله إنه يفعل كذا وكذا في وقت كذا وكذا، أو أن فلانا سيفعل كذا وكذا في وقت كذا وكذا، فإن ذاك يكون كما أخبر وكما قال في الوقت الذي قال لا يتأخر عن ذلك ولا يتقدم عليه، لأنه عز وجل عالم لنفسه لم يزل كذلك ولا يزال، يعلم ما سيكون قبل أن يكون وما لا يكون إن لو كان كيف كان يكون: وقولكم: هذا مما بدا لله فيه، فإنما يجوز البداء على المخلوقين، وعلى من لا يعلم العواقب، وأما علام الغيوب ومن يعلم ما يكون قبل أن يكون، فلا تعرض له البدوات، ولكن الله عز وجل أبدى للعباد كذبكم وأظهر بهذا فضائحكم، فأحلتم كذبكم على ربكم وبرّأتم منه أنفسكم.

[حول بعض الشكوك التي يطلقها الباطنية عن أحاديث الرسول ص وتعليق واسع حول التداوي والأدوية واستعمالها]

ومما يسألون عنه، ما جاء في الرواية من قوله صلّى الله عليه وسلم: «بيت لا تمر فيه جياع أهله» . وهذا قصر مولانا العزيز ما فيه أحد يأكل التمر ولا يشتهيه، وما هم جياع بل شباع «٢» قلنا: قد علم هو صلّى الله عليه وسلم وأصحابه الذين قال لهم


(١) لقمان ٣٤
(٢) جاء في هامش الأصل «تأويل قوله عليه السلام بيت لا تمر فيه جياع أهله»