للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وناداهم يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان، هذا كتابك، قد كنا ساكتين وعدونا عنا ممسك، فسللتم علينا سيفا كان مغمودا عنا، وفعلتم وفعلتم، فما زالوا يحاربونه، وعياله يضجون ويبكون، ومن معه من إخوته وولده وبني عمه يقتلون، وهو يبكي ويذكر قول ابن عمر، وكلما ضج نساؤه يقول:

لا يبعد الله ابن عباس، وقد أيقن بالقتل، وهو يودع عياله ويوصيهم بأن لا يشقوا عليه جيبا؛ ولا يظهروا «١» عويلا، وأخته زينب تقول له: يا أبا عبد الله، يا أبا عبد الله، أنا الفداء لك، أتغتصب نفسك على القتل، / ويقول كيف أصنع يا أخيّة، اصبري واحتسبي، قتل أبي وهو خير مني، ومضى أخى وهو خير مني، ويحتسب على أهل الكوفة وأنهم غروه وكذا أبوه، ويندم على قبوله منهم وعلى قدومه، وأنه ما علم أنهم لا يفون، وأنه ليته لم يقدم، وأنه حين قدم لم يقدم بعياله. وكم مثل هذا من أفعالهم وأقوالهم لو أردت أن تحصيه لاحتجت فيه إلى الطوامير الطوال «٢» ، ثم كنت لا تأتي على جميعه لكثرته.

والعلم بأن هؤلاء كانوا يحتاجون إلى المعرفة بما في نفس عدوهم ووليهم مثل غيرهم من الناس أقوى من العلم بأنهم يحتاجون إلى الطعام والشراب.

[الرد على ما تدعيه الشيع من المعجزات لعلي رضي الله عنه وأئمتهم من بعده وبيان أن عليا كان منكرا لمثل هذه الأقوال إنكارا شديدا]

ولا يزال هؤلاء الشيع يقولون: الدلالة على أن أمير المؤمنين خير من أبي بكر وعمر وأن المعجزات كانت تظهر عليه، أن قوما في زمانه قد ادّعوا فيه أنه إله العالمين ورب السموات والأرضين، وأن مثل ذلك ما قيل في أبي بكر وعمر.

قيل لهم: فقد ادّعى قوم من الهند والعرب وغيرهم في الأصنام والبددة أنها آلهة وأرباب وعبدوها، وادّعى قوم في الكواكب مثل ذلك، فينبغي على


(١) في الأصل: يظهرون
(٢) الطامور والطومار: هو الصحيفة وهو لفظ فارسي الأصل. لسان العرب مادة: طمر