للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه بشتم هؤلاء وغرّوا من لا يعرفهم وقالوا لهم: ما هذا القرآن بشيء، وهو مغيّر لا تقوم به حجة، والاسلام مبدّل، والفقهاء جهّال كفار، الى غير ذلك مما هذا سبيله وشرحه يطول، فاغترّوا بهم وقبلوا منهم وصدّوهم عن الاسلام فأوردوهم ما أصدروهم. وانت تجد كثيرا من ذلك في التفسير لأبي علي «١» ، وفي نقضه الإمامة على ابن الراوندي، وفي غيرهما من كتبه، وفي كتب غيره من المعتزلة والله أعلم.

باب آخر [من اعلامه صلّى الله عليه وسلم انقضاض الكواكب بمكة]

فمن أعلامه التي حدثت وهو صلى الله عليه وسلم بمكة، انقضاض الكواكب وامتلاء السماء بها من كل جانب على وجه انتقضت به العادة وخرج عن المعتاد. وهذه آية عظيمة، وبيّنة جليلة، وواضحة جسيمة.

وقد نطق القرآن بها فقال حاكيا عن الجن: «وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ/ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً» «٢» .

فان قيل ومن أين لكم هذا وقد سبقكم زمانه ونحن لا نؤمن بكتابكم ولا نقرّ بنبيّكم؟ وخبرونا عن طريق معرفتكم بذلك هل هو ضرورة


(١) هو محمد بن عبد الوهاب الجبائي (٢٣٥- ٣٠٣ هـ) شيخ المعتزلة في عصره وإليه تنسب الجبائية. نسبته الى جبي من قرى البصرة، وتفسيره المذكور من اهم مؤلفاته، استفاد منه من بعده القاضي عبد الجبار والحاكم ابو السعد والزمخشري. وفيات الاعيان ١: ٤٨٠. دائرة المعارف الاسلامية ٦: ٢٧٠.
(٢) الجن ٨ وما بعدها.