للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فانظر كم في ذلك من الآيات من الإخبار بالغيوب، ومن عجزهم عن القرآن ان يأتوا بمثله في الفصاحة والبلاغة والجزالة، فلم يتأتّ لهم ذلك مع حاجتهم اليه واجتهادهم فيه. وفصاحة القرآن وجزالته وبلاغته دلالة اخرى غير دلالة الإخبار بالغيوب.

باب آخر [ما كان بمكة من انشقاق القمر]

وهو ما كان بمكة من انشقاق القمر؛ فان رسول الله صلّى الله عليه وسلم مرّ بمكة في ليلة قمراء ومعه نفر من اصحابه، فاجتاز بنفر من المشركين، فقالوا له: يا محمد، إن كنت رسول الله كما تزعم فاسأل ربك ان يشقّ هذا القمر، فسأل الله ذلك فشقّه، فقال المشركون: ساحروا بصاحبكم من شئتم فقد سرى سحره من الارض الى السماء. فنزلت القصة في ذلك «١» .

وهذا من الآيات العظام والبراهين الكرام على صدقه ونبوته صلّى الله عليه وسلم.

فإن قيل: ومن أين لكم ان القمر قد انشقّ له كما ادّعيتم؟ أتعلمون ذلك ضرورة ام بدلالة؟ أو ليس النظام «٢» قد شك في هذا وقال: لو كان قد انشقّ لعلم بذلك اهل الغرب والشرق لمشاهدتهم له؟ وهذا شيء سيكون عند قيام الساعة ومن أشراط/ القيامة، فبأي شيء تردّون


(١) انزل الله في انشقاق القمر سورة القمر وأولها: اقتربت الساعة وانشق القمر. وان يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر.
(٢) هو ابراهيم بن سيار ابو اسحق النظام، احد أئمة المعتزلة المشهورين، انفرد باراء خاصة تابعه فيها فرقة من المعتزلة سميت النظامية. توفي سنة ٢٣٢ هـ. الاعلام ١: ٣٦.