فقل كان لهم تعظيم القرآن وجهاد العدو وعمارة الثغور، وقد كانوا كلهم يعيبون المسرفين منهم، وقد كانوا في مجالسهم يتذاكرون أعلام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وآياته، وكانت أظهر وأقهر من أن يعتقدوا خلافها، وقد كانوا يوصون أولادهم بالإسلام.
ولم نقل هذا فيهم من طريق حسن الظن بهم، ولكن إذا اعتقدوا عداوته أو تكذيبه أو عيبه أو عيب شيء من طرائقه وأخلاقه ومذاهبه صلّى الله عليه وسلم لظهر ذلك ولبدا في أخلاقهم وطرائقهم وفلتات ألسنتهم وفي سقطات أعمالهم، فبهذا جرت العبرة والعادة سيما وهم ملوك.
ولقد تفاءل الوليد بن يزيد بن عبد الملك وهو خليفة وملك جبار، وهو أغنى بني مروان «١» ، فخرج له في المصحف ما يكرهه فرمى بالمصحف من يده وتسخط ما خرج له، فقام اليه ابن عمه فضرب عنقه في هذا المقدار، وجعله حجة في قتله، وأنت تتبين ذلك وأن مثله لا يخفى بمثل ابن العميد وزير ركن الدولة، وبأبي جعفر بن بانو السجزي ملك سجستان، وأبي علي بن إلياس ملك كرمان، وأمثالهم، فإن هؤلاء وقعت عليهم الباطنية فما زالوا بهم/ حتى خرجوا من الإسلام، وما أمكنهم المجاهرة والمكاشفة بعداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، غير أن ذلك بدا في فلتات ألسنتهم وسقطات أعمالهم وإن اجتهدوا في كتمانه.
[الرد على دعوى القرامطة أن الصحابة أخروا عليا لكراهتهم له]
فأما من بالأحساء ومصر والمغرب فما يظهر منهم من عداوته صلّى الله عليه وسلم والقصد إلى إطفاء نوره وإماتة شريعته فعظيم، وكان مما ادّعوه على المهاجرين والأنصار أنهم كانوا ممن يبغض أمير المؤمنين لقتل من قتل من المشركين، قالوا فلهذا