للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في قوله: «وأيده بجنود لم تروها» : إنه أيد أبا بكر كما يؤيد المؤمنين من غير أن يروهم، وبشره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بذلك فعلمه وتيقنه بتعريفه إياه. وإنما ذكرنا حال أبي بكر عند ذكر الآية التي هو مذكور فيها، ولأن الخصوم يسألون عن ذلك، ولحاجتك اليه، ولأن الطاعنين على أبي بكر بمثل هذا هم الطاعنون على رسول الله صلّى الله عليه وسلم بما قدمنا وبأمثاله من الآيات التي يسألون عنها، وجعلوا الطعن على أبي بكر وأمثاله من المهاجرين والأنصار وآكد الطرق إلى تكذيبه، والطعن عليه، والإيحاش منه، والتنفير عنه، وأيسرها التشكيك في صدقه ونبوته، وهم: أبو شاكر الديصاني، وأصحابه: الحداد، وأبو عيسى، وابن الراوندي، والحصري «١» ولكلهم كتب في الطعن على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وفي نصرة الإمامية وطبقات الرافضة، ولأن الطريق في العلم ببراءة أبي بكر والمهاجرين والأنصار مما رموهم به، كالطريق في العلم ببراءة رسول الله صلّى الله عليه وسلم مما رموه به.

وباب آخر [ما في الآية الكريمة إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ» من وعد تحقق]

من آياته، قوله عز وجل لرسوله صلّى الله عليه وسلم: «إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ» «٢» ، ومعاد الرجل بلده، وسمي معادا لأنه ينصرف في البلاد ويضرب في الأرض ثم يعود إليه، وكذلك مثاب الرجل منزله، لأنه يثوب اليه «٣» . ومنه قول الله عز وجل: «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً» يريد أنهم يثوبون اليه كل سنة وفي كل حين، أي يعودون للحج والعمرة. وهذه


(١) سبق التعريف بهؤلاء الكتاب فيما مر من الكتاب
(٢) القصص ٨٥
(٣) كتب في هامش الصفحة: معاد الرجل بلده، مثاب الرجل منزله