للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرمى بها في وجهه وقال: اللهم أعم بصره، وأثكله ولده، فعمي بصره وقتل بنوه: زمعة، وعقيل، والحرث بن زمعة. ومر به العاص بن وائل، فأومى إلى رجله، فركب حمارا يريد الطائف فطرحه الحمار فدخلت في رجله شوكة فمات.

ومر به الحارث بن الطلاطلة، فأومى إلى بطنه فأكل سمكا مملوحا ونام، فلما كان جوف الليل عطش، فقام إلى قربة فيها ماء، فوضع فاه على فيها فشرب، فما روى حتى انشق بطنه ومات. وقد علمنا أن كان هناك من كان يستهزىء به، وأن قوله عز وجل: «إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ» «١» قد كفيهم، وقد قرأ ذلك عليهم، فعلمنا أن كان هناك مستهزئين وقد كفيهم.

وباب آخر [حول الآية الكريمة «فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ» ]

قوله عز وجل (فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) «٢» فذكرهم بعصمة الله له منعة لهم من قتله مع وحدته وكثرة أعدائه وحرصهم على قتله واستئصاله وإطفاء نوره، فصرفهم الله عن ذلك، وقد راموه غير مرة وحرضوا عليه.

فانظر إلى هذا الادلال وإلى هذه الثقة بمنع الله منه، فإن هذا قول يغيظ ويغضب ويحرضهم على مكروهه ويبعثهم على قتله ويزيدهم حرصا على استئصاله، وهذا من الآيات العظام، وهو أعظم من صرف الله كيد فرعون عن موسى، فإن بني «٣» اسرائيل بمصر وهم ستمائة ألف على دين موسى


(١) الحجر ٩٥
(٢) هود ٥٥
(٣) في الأصل: بنو