للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عساكرنا رحلوا عنها وخلوها لكم. ولهم معهم أكثر من هذا التفصيل، وإنما أردنا أن نذكر صحة قوله عليه السلام أن أمته في آخر الزمان تكون إلى حب الدنيا والبقاء فيخذلون، وتجتمع عليهم الأمم، وهذا باب من معجزاته.

وباب آخر [حول الآية الكريمة «فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ» ]

وهو قوله: «فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ» «١» . وكانت قريش والعرب قد تفرغوا لمكارهه وتركوا كل شغل، وأفردوا كل قوم بضرب من مكروهه كما كانت تفعل اليهود ذلك به، فكانت خمسة من مشيخة قريش قد تفرغوا للاستهزاء والمنع في المواسم والمحافل من أن يستمع منه أو يصغى إلى القول منه، وهم «٢» : الوليد بن المغيرة المخزوميّ، والعاص بن وائل السهميّ، والأسود بن المطلب الأسدىّ، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والحارث بن الطلاطلة «٣» ، فبلغوا منه في الاذلال، فشكاهم إلى الله عز وجل فأرسل إليه جبريل عليه السلام فقال له:

إن الله تعالى قد أمرني بطاعتك فمر فيهم بما أحببت، فاستند إلى الكعبة، فمرّ به الوليد، فأومى إلى أخمص رجله، وكان قد مر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا له، فوطىء على فصل منها، وكان من ذلك مريضا ثم اندمل، فانتقض به عند ذلك ومات.

ثم مر به الأسود بن المطلب/ وبيد النبيّ عليه السلام ورقة خضراء،


(١) الحجر ٩٤
(٢) كتب في الهامش: خمسة من مشيخة قريش قد تفرغوا للاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومنع الناس من استماعهم منه عليه السلام.
(٣) الطلاطلة: الداهية، وهو اسم أمه.