للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في سنة سبع وثلثمائة، وعادت الروم إلى الثغور وحرقوا وسبوا، وخرّب هؤلاء بالاسكندرية والصعيد ونهبوا وانهزموا ورجعوا، وأخذ الروم ملطية وثغورها «١» ، فهنأهم هؤلاء الذين بالمغرب بذلك، وبشروهم بما يفعله أبو طاهر بن أبي سعيد الجنابي بالمسلمين وبالحجّاج، وبقلع الحجر، وبسبي المسلمين، وبقتل الحجّاج، وبسلب الكعبة، وأنا قد شغلنا المسلمين بأنفسهم عن غزوكم؛ حتى كتب ملك الروم إلى المسلمين كتابا بذلك وأظهر الشماتة بما نزل بالبصرة وبالكوفة وبمكة وبغيرها من وقائع القرامطة بالمسلمين وإذلالهم الاسلام. وقد أجاب عن هذا الكتاب أحمد بن يحي بن المنجم نديم السلطان، وأجاب عنه عيسى بن داود ابن الجراح وزير السلطان.

وأولاد أولئك الذين كانوا بالمغرب إلى هذه الغاية مقيمون على مسالمة الروم ومقاربتهم ومهادنتهم والتقرب إليهم والشغل بإفساد المسلمين والاسلام.

فإن غزا الروم أحد من المسلمين من نواحي الشام ومصر وجاؤا بسبي أو أسير أخذهم هذا السلطان منهم وخلع عليهم ووصلهم وبرهم وأكرمهم وأنزلهم أجل المنازل وقال لهم: من أقام منكم عندنا/ فله الكرامة ومن شاء فليرجع فله الحباء والصيانة، ويراسلون ملك الروم بأنا ما نغزوكم ولا نتعرض لكم، وما نقدر أن نكاشف في المنع من غزوكم كل المكاشفة، ولا نرد كل أحد عن ذلك، وقد علمتم أن من وصل إلينا منكم رددناه مكرما إليكم، ومن آثر المقام كان في عز وفي كفاية، ولنا جيوش وعساكر في البر والبحر قد جاورناكم سيما مذ صرنا بنواحي الشام، ومصر، واذا قصدتم لناحية فيها


(١) بلدة من بلاد الروم مشهورة تتاخم الشام، فتحها المسلمون، ثم استعادها الروم سنة ٣٢٣ هـ. ثم عادت للمسلمين مع الدولة العثمانية. معجم البلدان ٥: ١٩٢