للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويتقرب من قلوبهم «١» .

وهذه كانت سبيل سعيد الذي خرج بالمغرب أيام المقتدر «٢» ، فإنه لما تمكن برقادة من أرض المغرب «٣» ، وصار في جيوش، راسل ملك الروم وهاداه وتودده وأغراه بالمسلمين، وبشره بأنه يملك ممالكهم كلها ويستأصل ملك بني العباس، وأن له إخوانا على مثل رأيه باليمن وبالبحرين وبالكوفة وفي الجبال وبخراسان، وأنه قد سلطه عليهم. وكان يبشره بالمكاره التي تنزل بالمسلمين، وسيّر جيشا له عظيما مع ابن له إلى مصر ليأخذها، وعرّف الروم هذا، فسيّروا جيشا إلى الثغور، وكان هؤلاء ينصرون أولئك في الثغور، وشغلوا/ المسلمين وشتتوهم. وكان هذا بعد الثلثمائة للهجرة.

وكان عندهم أن أبا سعيد الحسن بن بهرام الجنابيّ صاحب البحرين يعينهم فإنه كان على رأيهم ومواطئا لهم «٤» ، وكان عندهم أنه إذا انقضت سنة ثلثمائة ظفروا وظهروا على الاسلام كله، وأن سعيدا الذي بالمغرب هو المهديّ وهو الذي يغلب ويظهر. وكانوا يكاتبون الشيعة بالعراق في كل مكان بذلك، ويقولون لهم: انتظرونا وكونوا على أهبة فإنا لا نتأخر. فاتفق قتل أبي سعيد الجنابي في سنة إحدى وثلثمائة، وأخلف ما ظنوه، وانهزم أولئك الذين نزلوا على مصر ورجعوا إلى المغرب، ورجعت الروم بسبي عظيم من المسلمين، وكان ذلك في سنة اثنين وثلثمائة. ثم عادوا إلى مصر بأعظم من تلك الجيوش


(١) الزنج أو الزط قوم من أخلاط الناس غلبوا على طريق البصرة وعاثوا فيها، ولما استقر الحكم للمأمون سنة ٢٠٥ هـ بعث إليهم عددا من قواده فتفرقوا ولكنه لم يقض على فتنتهم قضاء تاما حتى فعل ذلك المعتصم سنة ٢١٩ هـ.
(٢) سيأتي تفصيل ذلك في موقعه من الكتاب.
(٣) بلدة كانت بالمغرب، بينها وبين القيروان أربعة أيام. معجم البلدان ٣: ٥٥
(٤) سبق التعريف بالجنابى هذا، انظر الجزء الأول الصفحة ١٢٩