للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا» .

فتأمل هذه الأقوال في هذه الأمور الصغار، وتأمل دعوى هؤلاء على رسول الله صلّى الله عليه وسلم كأنما يحدثونك عن مسيلمة أو عن كسرى وقيصر في سيرتهم، لا عن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلم وسيرته وتدبير الله له.

وباب آخر [حول الآية الكريمة «سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ» وكيف كان كما أخبر تعالى]

وهو قوله عز وجل: «سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ» «١» فكان ذلك كما أخبر، حتى تم أمر المسلمين وكانت العقبى لهم، وإن كان في خلال ذلك قد كانوا ينالون من المسلمين ويقتلون منهم إلا أن العقبى كانت لهم عليهم كما قد تبينت ولهذا قال صلّى الله عليه وسلم: «نصرت بالرعب» . وقد كان المسلمون يرون ذلك ويتحدث المشركون بما يجدونه منه وقالت بنت للحكم بن أبي العاص لجدها:

ما رأيت قوما كانوا أسوأ رأيا ولا أعجز في أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم منكم يا بني أمية، فقال: لا تلومينا يا بنية لا أحدثك إلا ما رأيت بعينيّ هاتين. تواعدنا مع قريش لنأخذه، فلما دنونا اليه سمعنا صوتا خلفنا ظننا أنه ما بقي بتهامة/ جبل إلا تفتت، فغشي علينا وما عقلنا حتى قضى صلاته ورجع إلى أهله، ثم تواعدنا ليلة أخرى فلما جاء نهضنا اليه، قال فرأيت الصفا والمروة قد التقى أحدهما بالآخر فحالا بيننا وبينه فو الله ما نفعنا ذلك حتى رزقنا الله الإسلام. «٢» .


(١) الأنفال ١٢
(٢) كان الحكم بن أبي العاص أحد نفر يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أبو لهب وعقبة ابن أبي معيط، وعدي بن حمراء الثقفي، وابن الأصداء الهذلي، والحكم، وكانوا جيران الرسول ولم يسلم منهم إلا الحكم. سيرة ابن هشام ١: ٤١٦