للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ. سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ «١» فكان إدلالهم بكثرتهم وكثرة من يساعدهم على عداوته ومحاربته، وانه ان صارت له جماعة فجموعهم أكثر، والأموال والسلاح والكراع والعدة معهم لا معه، فكان ظاهر الرأي ومقتضى الحزم ان يكون لهم لا له، إلا ان يكون من الله عز وجل مالك القلوب وناقض العادات لأنبيائه، فكان كما قال، وكانت العقبى له.

باب آخر [ما نزل بمكة من قوله تعالى «فاستمسك الذي اوحى اليك ... » ]

مما نزل بمكة قوله: «فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ» «٢» أي شرف ونبل وجلالة، فهو عز ومعجز. ثم قال: «وسوف تسألون» أي عن شكر هذه النعمة، فكان كما أخبر وكما فسر فان القرآن بانت آياته، وظهرت بيناته، وقامت حجته، وكملت النعمة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعلى صحابته به، فشرفوا وعزوا بمكانه، وذلك من الأمور البينة الواضحة؛ فانك تجد الفقهاء والعلماء قد أجلّوا القرآن ومن قرأ القرآن ومن عرف علوم القرآن، ولهذا قال عز وجل لقريش في ابتداء المبعث: «قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ» «٣» يريد القرآن، وانه عز ونبل وشرف، وستشرف به امم ممن/ تمسك به ودعا اليه، وقد فاتكم ذلك لإعراضكم، فكان ذلك كما أخبر.


(١) سورة ص ١١
(٢) الزخرف ٤٣
(٣) القمر ٤٣