سبيلهم سبيله في عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلم والمسلمين، وكم له مع النجاشي من المراجعات في أمر عمرو بن أمية الضمري ليمكنه منه ليقتله فما مكنه، ثم عاد بعد ذلك إلى النجاشيّ بمدة طويلة وسفرة بعد سفرة، فوعظه النجاشي ودعاه إلى الإسلام ورغبه في الهجرة، وقد كان أخوه هشام بن العاص أفضل منه وأجل قدرا فأسلم وهاجر وجاهد في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وبعد موته واستشهد رحمة الله عليه.
فانظر إلى تدبير قريش في مهاداة البطارقة ليكونوا معهم على المسلمين وليصرفوا النجاشي عن المسلمين، فإن هذا تدبير العقلاء والدهاة والمنكرين، ولا يمكن العاقل الكامل المتأني أن يفعل أكثر من هذا ليعرف عقول قريش وخصوم رسول الله صلّى الله عليه وسلم من العرب على غيرهم، ثم ما أغنى عنهم فيما راموه من/ الطعن على رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
وانظر كيف لما ذكره المسلمون بأنا نعرف أمانته وصدقه وعفافه إلى غير ذلك هل تهيأ لعمرو أو لغيره من أعدائه أن يقدح فيه أو ينكره، ورسول الله صلّى الله عليه وسلم ابنهم وهم ولدوه وهم ربّوه ومعهم نشأ ومعهم أقام وسافر.
وباب آخر [كيف أن معجزات الرسول يغني بعضها عن بعض وليس كذلك الأمور التي يسلم فرضها ويشمل وجوبها]
أن معجزاته صلّى الله عليه وسلم والآيات التي نقضت العادات يغني بعضها عن بعض ويسد بعضها مسد بعض. فإن من استدل ببلاغة القرآن وفصاحته على نبوة النبيّ عليه السلام عرف صدقه وإن لم يعلم ما في القرآن من الاخبار بالغيوب، ومن لم يستدل بالفصاحة واستدل بما فيه من التنبيه على ما في العقول يحصل عالما بنبوته وإن لم يستدل بالفصاحة ولا بالإخبار عن الغيوب، وليس كذلك النصوص على