الأمور التي يعم فرضها ويشمل وجوبها، فإن بعضها لا ينوب عن بعض ولا يغني بعضها عن بعض، ولا بد من أن يحصل العلم بكل واحد منها ويكون مجيء جميعها مجيئا واحدا. بيّن لك ذلك أن النص على القبلة لا يغني عن النصّ عن شهر رمضان، والنص على الجمعة لا يغني عن النص على غسل الجنابة، وكذا في الخمر، والخنزير، والزنا، واللواط، والأمهات، والأخوات، والبنات، وجميع الفروض العامة الوجوب، فاعرف ذلك.
وإنما ذكرنا هذا لأن قوما من الإمامية والرافضة ادّعوا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم نصّ على إمامة رجل بعينه، وأوجب على جميع الخلق من الذكور والإناث والعبيد والأحرار والمسافرين والمقيمين والمرضى والأصحاء طاعته واعتقاد ولايته وموالاته.
فقيل لهم: لو كان الأمر كما يدعونه لجاء العلم بذلك مجيء أمثاله من الفروض العامة الواجبة، لأن قوله صلّى الله عليه وسلم: هذا إمامكم/ وهذا حجة الله عليكم بعدي يجري في شمول وجوبه مجرى نصّه على نبوته، وقوله: أنا رسول الله اليكم فهذا أعم في الفرض من القبلة وشهر رمضان، فإذا علمنا نصّه على القبلة وشهر رمضان فقد كان ينبغي أن يكون العلم بما يدعون أقوى.
قالوا: فاجعلوا ما يدّعيه من النص كالمعجزات التي هي غير القرآن. قيل له: إن إخراجكم هذا النص عن نظائره وأمثاله من النصوص من أدل الدليل على ضعف يقينكم فيه ويأسكم من صحته، وكفى بهذا بيانا منافيا في بطلان ما يدّعونه.
وأيضا، فقد علم كل من سمع الأخبار أنه صلّى الله عليه وسلم قد ادّعى النبوة وادّعى أن معه آيات ومعجزات ودلالات لا يرتاب بذلك من صدّقه ولا من كذّبه،