من شيعة بني العباس تدّعي ان النبي صلّى الله عليه وسلم نص على العباس واستخلفه وجعله وارث مقامه، وأن الخلافة تكون في ولده الى يوم القيامة، كما تدعي ذلك الرافضة في امير المؤمنين.
وبعد فإن كان الذي صنعه عمر في الشورى حيلة على امير المؤمنين ليخرجه من الرئاسة، فلم دخل هو وقبله، وصلى خلف صهيب، ورجع الى عبد الرحمن في الاختيار، فكيف شعرتم انتم بهذا وخفي عليه.
فإن قالوا: فعل هذا خوفا وتقية، فقد بينا ان سلطان هؤلاء الخلفاء الأربعة ما كان سلطانا يخافه محقّ ولو كان عبدا او ذميا، وكشفنا ذلك من غير وجه. واعلم ان الكلام اذا انتهى الى مثل هذا فليس إلا السكوت، فإن شرح المشروح والمجاذبة في امر المكشوف عناء وادخال له فيما يغمض ويخفى، فارجع رحمك الله الى ما كان من ابي بكر وعمر وقول بعضهم في بعض وصنع بعضهم ببعض، تجدهم أولياء واخوانا واصدقاء، وقد تقدم لك في صدر هذا الكتاب ان ابا بكر وعمر وتلك الجماعة من المهاجرين والانصار كانوا احباب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان يحبهم ويودهم، ويوجب على الناس مجبتهم، ويفرض عليهم مودتهم، وكانوا يحبونه، وهو أحب اليهم من أبنائهم وأنفسهم، ويحبون من أحبّ، ويبغضون من ابغض، وإن العلم بذلك قبل العلم بنبوته، فارجع اليه.
وباب آخر [افعال رسول الله وأقواله تشهد بأنه ما عهد لرجل بعينه]
وهو ان افعال رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأقواله ووصاياه وعهوده، تشهد بأنه ما عهد في رجل بعينه، وان الامر في الخلافة بعده الى خواصه واصحابه ليختاروا من يرون، وان الخلفاء بعده يجوز عليهم الخطأ والزلل؛ ألا تسمع