للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعيهم لم يجدوا في الطعن عليه إلا التكذّب عليه والبهت له.

وهم الذين قالوا في قوله: «وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ» «١» ، قالوا: قد أظهر الشك في أمره ورجع عن قوله، وكل عاقل سمع أخباره يعلم باضطرار من قوله وقصده أن لا حقّ إلا ما كان معه/ ومنه ومن عنده ومع أتباعه إلى يوم القيامة، يعلم هذا من قصده قبل العلم بنبوته، ولهذا نظائر مما يذكرونه، وإنما ذكرت هذا لك لتعرف مقدار كيد الخصوم وظهور فضيحتهم، وهؤلاء هم الغايات في التجريد في طلب معايبه والتفرغ لذلك، يمدّ بعضهم بعضا ويعين بعضهم بعضا، ولهم من يزيح عللهم بالأموال من من اليهود والنصارى وغيرهم من أعداء رسول الله صلّى الله عليه وسلم وممن يتستر بالتشيع، فقد كانوا يأخذون ابن الراوندي وأمثالهم، فيزيحون عللهم، ويجمعون الكتب لهم، ويأتونهم بمن يعينهم ويكتب عنهم ولهم.

وباب آخر [حول الآية الكريمة «وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ» ]

مما جاء من آياته، وما أخبر به عن سلامته وقيام حجته وظهور أمره ودينه على الدين كله، قوله في سورة بني إسرائيل وهي مكية: «وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً، وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً» ، «٢» فتأمل ما في هذا القول من امتهان الخصم وإذلاله وتهيجه وإغضابه وإثارته والعلو عليه، وأنه مفتضح لا حجة معه ولا حراك به، وهم أشد الناس حرصا على


(١) الاحقاف ٩
(٢) الإسراء ٨١